أَخْذُ السِّلْعَةِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ صَاحِبَهَا أَحَقَّ بِهَا مِنْهُمْ فالغرماء أَبْعَدُ مِنْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا الْخِيَارُ لِصَاحِبِ السِّلْعَةِ إِنْ شَاءَ أَخَذَهَا وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهَا وَضَرَبَ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِثَمَنِهَا
وَبِهَذَا قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَجَمَاعَةٌ
وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ أَيْضًا فِي الْمُفْلِسِ يَمُوتُ قَبْلَ الْحُكْمِ عليه وقبل توفيقه
فقال مالك ليس حكم الفلس كَحُكْمِ الْمَوْتِ وَبَائِعُ السِّلْعَةِ إِذَا وَجَدَهَا بِعَيْنِهَا إِسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فِي الْمَوْتِ بِخِلَافِ الْفَلَسِ
وَبِهَذَا قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ
وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ بهذا القول حديث بن شِهَابٍ الْمَذْكُورِ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ لِأَنَّهُ حَدِيثٌ نَصَّ فِيهِ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ وَهُوَ قَاطِعٌ لِمَوْضِعِ الْخِلَافِ
وَمِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ آخَرُ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُفْلِسَ يُمْكِنُ أَنْ تَطْرَأَ لَهُ ذِمَّةٌ وَلَيْسَ الْمَيِّتُ كَذَلِكَ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْمَوْتُ وَالْفَلْسُ سَوَاءٌ وَصَاحِبُ السِّلْعَةِ أَحَقُّ بِهَا إِذَا وَجَدَهَا بِعَيْنِهَا فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا
وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ حَدِيثُ بن أَبِي ذِئْبٍ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْبَابِ وَفِيهِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قَدْ قَضَى رَسُولُ الله أَيُّمَا رَجُلٍ مَاتَ أَوْ أَفْلَسَ فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ أَحَقُّ بِهِ إِذَا وَجَدَهُ بِعَيْنِهِ))
فَجَعَلَ الشَّافِعِيُّ ذِكْرَ الْمَوْتِ زِيَادَةً مَقْبُولَةً وَرَدَتْ فِي حَدِيثٍ مسند وحديث بن شِهَابٍ الصَّحِيحُ فِيهِ الْإِرْسَالُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ وَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَلَى نَصِّ مَا رواه أصحاب مالك وسائر أصحاب بن شِهَابٍ وَذَكَرَ فِيهِ الَّذِي ذَكَرُوا وَذَلِكَ قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَ الَّذِي ابْتَاعَهُ فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ إِسْوَةُ الْغُرَمَاءِ بَعْدَ ذِكْرِهِ حُكْمَ الْمُفْلِسِ فَفَرَّقَ بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ فَيَنْبَغِي أَلَّا تَكُونَ زِيَادَةُ أَبِي الْمُعْتَمِرِ عَنْ عَمْرِو بْنِ خَلْدَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْمَيِّتِ وَالْمُفْلِسِ مَقْبُولَةً لِأَنَّهَا قَدْ عَارَضَهَا مَا يَدْفَعُهَا
وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ مُبْتَاعٍ أَحَقُّ بِمَا ابْتَاعَهُ حَيَاتَهُ وَمَوْتَهُ وَأَنَّ ذَلِكَ مَوْزُونٌ عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بِدَلِيلٍ لَا مَعَارِضَ لَهُ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ إِلَّا فِيمَنْ وَجَدَ عَيْنَ مَالِهِ عِنْدَ مُفْلِسٍ