وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ كَانَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ خَيْبَرَ نَصِفُهَا فَكَانَ النِّصْفُ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِلْمُسْلِمِينَ فَكَانَ الَّذِي لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ النِّصْفَ وَهِيَ الْكُتَيْبَةُ وَالْوَطِيحَةُ وسلالم ووحدة وَكَانَ النِّصْفُ الثَّانِي لِلْمُسْلِمِينَ نَطَاةُ وَالشِّقُّ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ذَكَرْنَا فِي (التَّمْهِيدِ) فِي باب بن شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ مِنَ الْآثَارِ الْمَرْفُوعَةِ وَغَيْرِهَا فِي فَتْحِ خَيْبَرَ وَكَيْفَ كَانَتْ قِسْمَتُهَا مَا فِيهِ كِفَايَةٌ
وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَسَمَ نَصِفَهَا وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي قِسْمَةِ جَمِيعِهَا وَذَكَرْنَا هُنَاكَ اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي قِسْمَةِ الْأَرَضِينَ وَفِي تَوْقِيفِهَا
وَاخْتِصَارُ ذَلِكَ أَنَّ مَالِكًا وَأَصْحَابَهُ كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ كُلَّ بَلْدَةٍ تُفْتَحُ عَنْوَةً فَإِنَّ أَرْضَهَا مَوْقُوفَةٌ حُكْمُهَا حُكْمُ الَّتِي لِكُلِّ مَنْ حَضَرَهَا وَمَنْ لَمْ يَحْضُرْهَا وَمَنْ يَأْتِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ بَعْدُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ عَلَى مَا صَنَعَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِأَرْضِ سَوَادِ الْعِرَاقِ وَأَرْضِ مِصْرَ وَالشَّامِ جَعَلَهَا مَوْقُوفَةً مَادَّةً لِلْمُسْلِمِينَ أَهْلِ ذَلِكَ الْمِصْرِ وَمَنْ يَجِيءُ بَعْدَهُمْ
وَاحْتَجَّ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي ذَلِكَ بِالْآيَةِ فِي سُورَةِ الْحَشْرِ (مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ القرى) الاية إلى قوله (والذين جاءو مِنْ بَعْدِهِمْ) الْحَشْرِ ٧ - ١٠
وَقَالَ مَا أَحَدٌ إِلَّا وَلَهُ فِي هَذَا الْمَالِ حَقٌّ حَتَّى الرَّاعِي وَكَانَ يَفْرِضُ لِلْمَنْفُوسِ وَالْعَبْدِ
وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ قَالَ لَوْلَا آخِرُ النَّاسِ مَا افْتَتَحْتُ قَرْيَةً إِلَّا قَسَمْتُهَا كَمَا قَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خيبر
رواه بن مهدين وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ
وَكَانَ فِعْلُ عُمَرَ فِي تَوْقِيفِ الْأَرْضِ بِمَحْضَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ) الْأَنْفَالِ ٤١ فِيمَا عَدَا الْأَرَضِينَ وَإِنَّ الْأَرْضَ لَا تَدْخُلُ فِي عُمُومِ هَذَا اللَّفْظِ
وَاسْتَدَلَّ مَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا بِأَنَّ الْغَنَائِمَ الَّتِي أُحِلَّتْ لِلْمُسْلِمِينَ وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلَهُمْ إِنَّمَا كَانَتْ مَا تَأْكُلُهُ النار