فَأَمَّا مِيرَاثُ الشُّفْعَةِ فَذَهَبَ الثَّوْرِيُّ وَسَائِرُ الْكُوفِيِّينَ إِلَى أَنَّهَا لَا تُوهَبُ وَلَا تُوَرَّثُ لِأَنَّهَا لَا مِلْكُهُ وَلَا مَالُهُ
وَأَمَّا مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَسَائِرُ أَهْلِ الْحِجَازِ فَإِنَّهُمْ يَرَوْنَ الشُّفْعَةَ مَوْرُوثَةً لِأَنَّهَا حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ الْمَيِّتِ يَرِثُهُ عَنْهُ وَرَثَتُهُ
وَأَمَّا الشُّفْعَةُ بَيْنَ ذَوِي السِّهَامِ فِي الْمِيرَاثِ فَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ عِنْدَ أَصْحَابِهِ مَعْنَى مَا ذَكَرَهُ فِي (الْمُوَطَّأِ) أَنَّ أَهْلَ السَّهْمِ الْوَاحِدِ أَحَقُّ بِالشُّفْعَةِ فِيهِ مِنْ غَيْرِهِمْ مِنَ الشُّرَكَاءِ فِي سَائِرِ الْمِيرَاثِ وَأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْعَصَبَاتُ عَلَى ذَوِي السِّهَامِ فِي الشُّفْعَةِ وَأَنَّ ذَوِي السِّهَامِ يَدْخُلُونَ عَلَى الْعَصَبَاتِ فِيهَا
واختلف اصحابه
فقال بن الْقَاسِمِ بِمَا وَصَفْتُ لَكَ
وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَدْخُلُ ذَوُو السِّهَامِ عَلَى الْعَصَبَاتِ وَلَا يَدْخُلُ الْعَصَبَاتُ عَلَى ذَوِي السِّهَامِ لَا يَدْخُلُ هَؤُلَاءِ عَلَى هَؤُلَاءِ وَلَا هَؤُلَاءِ عَلَى هَؤُلَاءِ وَلَا يَتَشَافَعُ أَهْلُ السَّهْمِ فِيمَا بَيْنَهُمْ خَاصَّةً
وَقَالَ الْمُغِيرَةُ الْمَخْزُومِيُّ يَدْخُلُ الْعَصَبَاتُ عَلَى ذَوِي السِّهَامِ وَذَوُو السِّهَامِ عَلَى الْعَصَبَاتِ لِأَنَّهُمْ كُلَّهُمْ شُرَكَاءُ
وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ كَقَوْلِ الْمُغِيرَةِ
وَقَوْلُ الْكُوفِيِّينَ كَقَوْلِ أَشْهَبَ مِثَالُ ذَلِكَ رَجُلٌ تُوُفِّيَ عَلَى ابْنَتَيْنِ وَأُخْتَيْنِ وَرِثْنَ عَنْهُ أَرْضًا أَوْ دارا فباعت بعضهن حصتها منها
فقال بن الْقَاسِمِ تَدْخُلُ الْبَنَاتُ عَلَى الْأَخَوَاتِ وَلَا تَدْخُلُ الاخوات على البنات لانهن ها هنا عَصَبَةُ الْبَنَاتِ
وَقَالَ أَشْهَبُ لَا تَدْخُلُ الِابْنَةُ عَلَى الْأُخْتِ كَمَا لَا تَدْخُلُ الْأُخْتُ عَلَيْهَا
وَذَكَرَ الْمُزَنِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ
قَالَ وَلَوْ وَرِثَهُ رَجُلَانِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا وَلَهُ ابْنَانِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ وَأَرَادَ أَخْذَ الشُّفْعَةِ دُونَ عَمِّهِ فَكِلَاهُمَا فِي الشُّفْعَةِ سَوَاءٌ لِأَنَّهُمَا فِيهِ شَرِيكَانِ
قَالَ الْمُزَنِيُّ هَذَا أَصَحُّ مِنْ قَوْلِهِ الْآخَرِ إِنَّ أَخَاهُ أَحَقُّ بِنَصِيبِهِ
قَالَ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِي الْمَعْنَيَيْنِ لِنِصْفَيْنِ من عبد لاحدهما أَكْثَرُ مِنَ الْآخَرِ فِي أَنَّ عَلَيْهِمَا قِيمَةَ الْبَاقِي عَلَى السَّوَاءِ إِنْ كَانَا مُوسِرَيْنِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ هَذَا الْقِيَاسُ يَصِحُّ فِي مَسْأَلَتِهِ هَذِهِ لِأَنَّ الشُّرَكَاءَ فِي سَهْمٍ