واختلف اصحاب مالك في ذلك
فقال بن الْقَاسِمِ لَا شُفْعَةَ فِي الدَّيْنِ وَلَا يَكُونُ الْمِدْيَانُ أَحَقَّ بِهِ
وَقَالَ أَشْهَبُ هُوَ أَحَقُّ بِهِ بِالضَّرَرِ الدَّاخِلِ عَلَيْهِ وَيَأْخُذُهُ بِقِيمَةِ الْعَرْضِ إِنْ كَانَ الثَّمَنُ عَرْضًا أَوْ بِمِثْلِ الْعَيْنِ إِنْ كَانَ عَيْنًا كَالْمُكَاتَبِ وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي الْمُكَاتَبِ لِحُرْمَةِ الْعِتْقِ أَلَّا تَرَى أَنَّ التَّقْوِيمَ وَالِاسْتِهَامَ يَجِبُ عَلَى الشَّرِيكِ إِذَا أَعْتَقَ نَصِيبَهُ وَأَنَّ الْعِتْقَ بِيَدِ أَعْلَى سَائِرِ الْوَصَايَا
قَالَ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ إِنَّ الْبَائِعَ مِمَّنْ دَخَلَ مَدْخَلَهُ كَالشَّرِيكَيْنِ فِي الْعَبْدِ بَاعَ شَرِيكٌ وَدَخَلَ شَرِيكٌ قِيلَ لَهُ إِنَّ الْعَبْدَ الْمُشْتَرَكَ فِيهِ إِنْ رَأَى الشَّرِيكُ مَا يَضُرُّهُ دَعَا شَرِيكَهُ إِلَى الْبَيْعِ مَعَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الدَّيْنُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْأَصْلَ الْمُجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا عَنْ طِيبٍ نَفْسٍ وَأَنَّ التِّجَارَةَ لَا تَجُوزُ إِلَّا عَنْ تَرَاضٍ فَلَا يَخُصُّ مِنْهَا فِي الْأَصْلِ شَيْءٌ إِلَّا بِمِثْلِهِ مِنَ الْأُصُولِ الَّتِي يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهَا
وَحَدِيثُ الشُّفْعَةِ لِلشَّرِيكِ فِي الدُّورِ وَالْأَرَضِينَ حَدِيثٌ مُتَّفِقٌ عَلَى الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ بِهِ وَسَائِرِ مَا اخْتُلِفَ فِيهِ
وَلَيْسَ فِي الِاخْتِلَافِ حُجَّةٌ فَالْوَاجِبُ الْوُقُوفُ عِنْدَ الْيَقِينِ وَلَا يَخْرُجُ عَنْهُ إِلَّا بِيَقِينٍ مِثْلِهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
قَالَ مَالِكٌ وَمَنِ اشْتَرَى أَرْضًا فِيهَا شُفْعَةٌ لِنَاسٍ حُضُورٍ فَلْيَرْفَعْهُمْ إِلَى السُّلْطَانِ فَإِمَّا أَنْ يَسْتَحِقُّوا وَإِمَّا أَنْ يُسَلِّمَ لَهُ السُّلْطَانُ فَإِنْ تَرَكَهُمْ فَلَمْ يَرْفَعْ أَمْرَهُمْ إِلَى السُّلْطَانِ وَقَدْ عَلِمُوا بِاشْتِرَائِهِ فَتَرَكُوا ذَلِكَ حَتَّى طَالَ زمانه ثم جاؤوا يَطْلُبُونَ شُفْعَتَهُمْ فَلَا أَرَى ذَلِكَ لَهُمْ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا قَوْلٌ مُجْمَلٌ إِلَّا أَنَّ ظَاهِرَهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا قَرُبَ مِنَ الْأَمَدِ لِطَالِبِ الشُّفْعَةِ لَمْ يَضُرَّهُ قُعُودُهُ عَنِ الطَّلَبِ إِذَا قَامَ فِيمَا لَمْ يَطُلْ مِنَ الزَّمَانِ فَإِنْ طَالَ فَلَا قِيَامَ لَهُ وَلَمْ يَحِدَّ فِي الطُّولِ حَدًّا وَلَا وَقَّتَ فِي (مُوَطَّئِهِ) وَقْتًا
وَقَدِ اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عَنْهُ فِي ذلك واصحابه
فروى بن الْقَاسِمِ عَنْهُ السَّنَةُ لَيْسَتْ بِالْكَثِيرِ وَهُوَ عَلَى حَقِّهِ
وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى السَّنَةُ وَنَحْوُهَا