يَحْكُمَ عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ وَيَمِينُ الطَّالِبِ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ عَلَى مَذْهَبِهِ كَمَا لَوْ قَالَ قَائِلٌ إِنَّ الْعُلَمَاءَ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مُدَّيْنِ تُجْزِئُ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ كَانَ قَوْلًا صَحِيحًا لِأَنَّ مَنْ قَالَ يُجْزِئُ الْمُدُّ كَانَ أَحْرَى أَنْ يُجْزِئَ عَنْهُ الْمُدَّانِ
هَذَا مَا أَرَادَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
أَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي الْحُكْمِ بِالنُّكُولِ
فَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ إِذَا نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنِ الْيَمِينِ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَإِنْ لَمْ يُدْعَ الْمَطْلُوبُ إِلَى يَمِينٍ وَلَا يُقْضَى لَهُ بِشَيْءٍ حَتَّى يَحْلِفَ
وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّهُ لَا يَقْضِي عَلَى النَّاكِلِ عَنِ الْيَمِينِ بِحَقِّ الطَّالِبِ إِلَّا أَنْ يَحْلِفَ الطَّالِبُ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَلَوْ رَدَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ عَلَى الطَّالِبِ فَقُلْتُ لَهُ احْلِفْ ثُمَّ بَدَا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَقَالَ أَنَا أَحْلِفُ لَمْ أَجْعَلْ ذَلِكَ لَهُ لِأَنِّي قَدْ أَبْطَلْتُ أَنْ يَحْلِفَ وَجَعَلْتُ الْيَمِينَ قَبْلَهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ رَأَى رَدَّ الْيَمِينِ فِي الْأَمْوَالِ حَدِيثُ الْقَسَامَةِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ رَدَّ فِيهَا الْيَمِينَ عَلَى الْيَهُودِ إِذْ أَبَى الْأَنْصَارُ مِنْهَا وَلَيْسَ بِالْأَمْوَالِ أَعْظَمُ حُرْمَةً مِنَ الدِّمَاءِ
وَهُوَ قَوْلُ الْحِجَازِيِّينَ وَطَائِفَةٍ مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ وَهُوَ الِاحْتِيَاطُ لِأَنَّ مَنْ لَا يُوجِبُ رَدَّ الْيَمِينِ لَا يُبْطِلُ الْحُكْمَ بِهَا مَعَ النُّكُولِ
وقال بن أَبِي لَيْلَى إِذَا (نَكَلَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَا أَرُدُّ الْيَمِينَ عَلَيْهِ رَدَدْتُهَا عَلَيْهِ إِذَا كَانَ يُتَّهَمُ فَإِنْ لَمْ يُتَّهَمْ لَمْ أَرُدَّهَا عَلَيْهِ
وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ يَرُدُّهَا بِغَيْرِ تُهْمَةٍ
وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فَقَالُوا إِذَا نَكَلَ الْمَطْلُوبُ عَنِ الْيَمِينِ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالْحَقِّ لِلْمُدَّعِي وَلَا تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى
وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عمر اذا نَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ فِي عَيْبِ الْغُلَامِ لِلَّذِي بَاعَهُ قَضَى عَلَيْهِ عُثْمَانُ بِالنُّكُولِ وَقَضَى هُوَ عَلَى نَفْسِهِ بِذَلِكَ
وَهَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ لان بن عُمَرَ يَحْتَمِلُ فِعْلُهُ أَنَّهُ لَمَّا أَوْجَبَ عَلَيْهِ عُثْمَانُ الْيَمِينَ لَقَدْ بَاعَ الْغُلَامَ وَمَا بِهِ أَذًى يَعْلَمُهُ كَرِهَ الْيَمِينَ فَاسْتَرْجَعَ الْعَبْدُ فَكَأَنَّهُ أَقَالَهُ فِيهِ كَرَاهِيَةً لِلْيَمِينِ وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ تَصْرِيحٌ بِالْحُكْمِ بِالنُّكُولِ
وَاحْتَجَّ مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ الكوفيين في ذلك بحديث بن ابي مليكة عن بن