وَهُوَ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ) الْبَقَرَةِ ٢٢٢
فَبَيَّنَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَيْفَ اعْتِزَالُهُنَّ وَمَعْنَى قَوْلِهِ (وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ) الْبَقَرَةِ ٢٢٣ أَنَّهُ أَرَادَ الْجِمَاعَ لَا الْمُؤَاكَلَةَ وَلَا الْمُشَارَبَةَ وَلَا الْمُجَالَسَةَ وَلَا الْمُضَاجَعَةَ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَنَحْوُ هَذَا كُلِّهِ وَأَنَّهُ أَرَادَ الْجِمَاعَ نَفْسَهُ وَجَعَلَ الْمِئْزَرَ قَطْعًا لِلذَّرِيعَةِ وَتَنْبِيهًا عَلَى الْحَالِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
١٠٣ - مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عُبَيْدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَرْسَلَ إِلَى عَائِشَةَ يَسْأَلُهَا هَلْ يُبَاشِرُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فَقَالَتْ لِتَشُدَّ إِزَارَهَا عَلَى أَسْفَلِهَا ثُمَّ يُبَاشِرُهَا إِنْ شَاءَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَجِدُ بَعْدَ السُّنَّةِ أَقْعَدَ بِهَذَا الْمَعْنَى مِنْ عَائِشَةَ فَكَانَتْ تُفْتِي بِمَعْنَى مَا وَعَتْ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي ذَلِكَ
وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي التَّمْهِيدِ حَدِيثَ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ الْيَهُودَ كَانَتْ إِذَا حَاضَتْ مِنْهُمُ امْرَأَةٌ أَخْرَجُوهَا وَلَمْ يُؤَاكِلُوهَا وَلَمْ يُشَارِبُوهَا وَلَمْ يُجَامِعُوهَا فِي الْبَيْتِ فَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ عن ذلك فأنزل الله (تَعَالَى وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى) الْبَقَرَةِ ٢٢٢ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ((جَامِعُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ وَاصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا النِّكَاحَ))
فَبَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْمَعْنَى الَّذِي فِيهِ نَزَلَتِ الْآيَةُ وَمُرَادُ اللَّهِ بِهَا عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ
وَأَمَّا قَوْلُ الْفُقَهَاءِ فِي مُبَاشَرَةِ الْحَائِضِ وَمَا يُسْتَبَاحُ مِنْهَا - فَقَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ لَهُ مِنْهَا مَا فَوْقَ الْإِزَارِ وَهُوَ قَوْلُ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ
وَحُجَّتُهُمْ ظَوَاهِرُ الْآثَارِ عَنْ عَائِشَةَ وَمَيْمُونَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ إِحْدَاهُنَّ أَنْ تَشُدَّ إِزَارَهَا ثُمَّ يُبَاشِرُهَا