قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ قَالَ فِي الْعُمْرَى بِحَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ وَمَا كَانَ مَثَلَهُ فِي الْعُمْرَى جَعَلَ الْعُمْرَى هِبَةً مَبْتُولَةً مِلْكًا لِلَّذِي أَعْمَرَهَا وَأَبْطَلَ شَرْطَ ذِكْرِ الْعُمُرِ فِيهَا
وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا
وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شُبْرُمَةَ وَسُفْيَانَ الثوري والحسن بن صالح وبن عُيَيْنَةَ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَأَبِي عُبَيْدٍ كُلُّ هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ بِالْعُمْرَى هِبَةً مَبْتُولَةً يَمْلِكُ الْمُعْمَرُ رَقَبْتَهَا وَمَنَافِعَهَا وَاشْتَرَطُوا فِيهَا الْقَبْضَ كَسَائِرِ الْهِبَاتِ فَإِذَا قَبَضَهَا الْمُعْمَرُ وَرِثَهَا عَنْهُ وَرَثَتُهُ بَعْدَهُ كَسَائِرِ مَالِهِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْطَلَ شَرْطَ الْمُعْمَرِ فِيهَا وَجَعَلَهَا مِلْكًا لِلْمُعْمَرِ مَوْرُوثًا عَنْهُ
قَالُوا وَسَوَاءٌ ذِكْرُ الْعَقِبِ فِي ذَلِكَ وَالسُّكُوتُ عَنْهُ لِأَنَّهُ لَوْ أَعْمَرَهَا مَنْ أَعْقَبَهَا أَوْ مَنْ لَا يَكُونُ لَهُ عَقِبٌ كَالْمَجْبُوبِ وَالْعَقِيمِ فَقَالَ لَكَ وَلِعَقِبِكَ أَوْ قَالَ ذَلِكَ لِمَنْ لَهُ عَقِبٌ فَمَاتُوا قَبْلَهُ لَمْ يَكُنْ لِذِكْرِ الْعَقِبِ مَعْنًى يَصِحُّ إِلَّا أَنَّهَا حِينَئِذٍ تُورَثُ عِنْدَهُمْ عَنْهُ وَقَدْ يَرِثُهُ غَيْرُ عَقِبِهِ
قَالُوا فَذِكْرُ الْعَقِبِ لَا مَعْنَى لَهُ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا الْمَعْنَى الصَّحِيحُ ما جاء به الاثر واضحا ان العمرى تورث عَنِ الْمُعْطِي لِمِلْكِهِ لَهَا بِمَا جَعَلَهَا رَسُولُ الله مِنْ ذَلِكَ لَهُ حَيَاتَهُ وَمَوْتَهُ
وَهُوَ قَوْلُ جابر بن عبد الله وبن عمر وبن عباس
ذكر معمر عن ايوب عن حبيبه بن ابي ثابت قال سمعت بن عُمَرَ وَسَأَلَهُ أَعْرَابِيٌّ أَعْطَى ابْنَهُ نَاقَةً لَهُ حياته فانتجت ابلا فقال بن عُمَرَ هِيَ لَهُ حَيَاتَهُ وَمَوْتَهُ
قَالَ أَفَرَأَيْتَ إِنْ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْهِ قَالَ فَذَلِكَ أَبْعَدُ لَهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنِ بن عُمَرَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَهُ فِي الْعُمْرَى بِخِلَافِ مَذْهَبِهِ فِي الْإِسْكَانِ وَالسُّكْنَى بِدَلِيلِ أَنَّهُ وَرِثَ مِنْ حَفْصَةَ أُخْتِهِ دَارًا كَانَتْ أَسْكَنَتْهَا بِنْتَ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ مَا عَاشَتْ فَلَمَّا مَاتَتْ بِنْتُ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ بَعْدَ مَوْتِ حفصة ورث بن عُمَرَ الدَّارَ عَنْ أُخْتِهِ حَفْصَةَ لِأَنَّهَا كَانَتْ عَلَى مِلْكِهَا وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَارِثَهَا لِأَنَّهُ كَانَ شَقِيقَهَا
وَعَلَى هَذَا أَكْثَرُ اهل العلم في الاعمار والعمرى اذا ذَلِكَ مُخَالِفٌ لِلْإِسْكَانِ وَالسُّكْنَى
وَقَدْ كَانَ الْحَسَنُ وَعَطَاءٌ وَقَتَادَةُ يُسَوُّونَ بَيْنَ الْعُمْرَى وَالسُّكْنَى وَقَالُوا مَنْ أَسْكَنَ أَحَدًا دَارَهُ لَمْ يَنْصَرِفْ إِلَيْهِ ابدا