فقال بن مَسْعُودٍ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ جَازَ لَهُ أَنْ يُوَصِيَ بِمَالِهِ كُلِّهِ
وَعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ مِثْلُهُ
وَهُوَ قَوْلُ عُبَيْدَةَ وَمَسْرُوقٍ
وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ
وَإِلَيْهِ ذَهَبَ إِسْحَاقُ بْنُ راهويه
وقد ذكرنا الاثار عن بن مَسْعُودٍ وَأَبِي مُوسَى وَعُبَيْدَةَ وَمَسْرُوقٍ فِي (التَّمْهِيدِ)
وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَشَرِيكٌ الْقَاضِي إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ أَوْصَى بِجَمِيعِ مَالِهِ
وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَنَّ الِاقْتِصَارَ عَنِ الثُّلُثِ فِي الْوَصِيَّةِ إِنَّمَا كَانَ مِنْ أَجْلِ أَنْ يَدَعَ وَرَثَتَهُ أَغْنِيَاءَ وَمَنْ كَانَ مِمَّنْ لَا وَارِثَ لَهُ فَلَيْسَ مِمَّنْ عُنِيَ بِالْحَدِيثِ وَجَائِزٌ لَهُ أَنْ يُوصِيَ بِمَالِهِ كُلِّهِ
وَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُوصِيَ بِمَالِهِ كُلِّهِ كَانَ لَهُ بَنُونَ أَوْ وُرِثَ كَلَالَةً أَوْ وَرِثَهُ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ
وَبِهَذَا الْقَوْلِ قَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ
وَاخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ مَا يُصْرَفُ إِلَى بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ عَلَى سَبِيلِ الْمِيرَاثِ وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ مَا اسْتَحَقَّهُ الرَّجُلُ وَابْنُهُ وَلَا مَنْ يُحْجَبُ مَعَ مَنْ يَحْجُبُهُ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ مَالٍ لَا مَالِكَ لَهُ مَصْرُوفٌ إِلَى نَظَرِ السُّلْطَانِ يَصْرِفُهُ حَيْثُ يَرَاهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي مَصَالِحِهِمْ
وَأَجْمَعَ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تَجُوزُ بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ إِلَّا أَنْ يُجِيزَهَا الْوَرَثَةُ
وَعَلَى هَذَا جَمَاعَةُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ بِالْعِرَاقِ وَالْحِجَازِ وَالْمَغْرِبِ وَالشَّامِ
وَشَذَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَيْسَانَ فَلَمْ يُجِيزُوا الْوَصِيَّةَ بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ وَإِنْ أَجَازَهَا الْوَرَثَةُ وَقَالُوا لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُجِيزُوا لِلْمُوصِي ذَلِكَ وَلَهُمْ أَنْ يُعْطُوا الْمُوصَى لَهُ مِنْ فَرَائِضِهِمْ وَسَائِرِ اموالهم ما شاؤوا
وَكَرِهَ الْجَمَاعَةُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ الْوَصِيَّةَ فِي الثلث لمن يرثه ذريته واستحبت منهم جماعة الوصية بالخمس