قَالَ أَبُو عُمَرَ كُلٌّ مَنْ يُجِيزُ لَهُ التَّسَرِّي فَالسُّرِّيَّةُ عِنْدَهُ مَالٌ مِنْ مَالِهِ
وَقَدْ رَوَى مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ فِي رَجُلٍ كَاتَبَ عَبْدًا لَهُ وَلَهُ وَلَدٌ مِنْ أَمَتِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِمُ السَّيِّدُ وَأُمُّ الْوَلَدِ فِي كِتَابَتِهِ قَالَ إِنَّمَا كَاتَبَ عَلَى أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدُهُ مِنْ مَالِهِ وَلَا نَعْلَمُ مَالَهُ غَيْرَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُكَاتَبِ يُكَاتِبُهُ سَيِّدُهُ وَلَهُ جَارِيَةٌ بِهَا حَبَلٌ مِنْهُ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ هُوَ وَلَا سَيِّدُهُ يَوْمَ كِتَابَتِهِ فَإِنَّهُ لَا يَتْبَعُهُ ذَلِكَ الْوَلَدُ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ فِي كِتَابَتِهِ وَهُوَ لِسَيِّدِهِ فَأَمَّا الْجَارِيَةُ فَإِنَّهَا لِلْمُكَاتَبِ لِأَنَّهَا مِنْ مَالِهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا عَلَى مَا قَدَّمْنَا مِنْ أَصْلِهِ أَنَّ وَلَدَ الْمُكَاتَبِ لَا يَدْخُلُ فِي الْكِتَابَةِ إِلَّا أَنْ يُكَاتَبَ عَلَيْهِ وَيَشْتَرِطَ فِي كِتَابَتِهِ وَالْحَمْلُ كَالْمَوْلُودِ إِذَا خَرَجَ إِلَى الدنيا واعتبر ذَلِكَ بِالْمِيرَاثِ
قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ وَرِثَ مُكَاتَبًا مِنِ امْرَأَتِهِ هُوَ وَابْنُهَا إِنَّ الْمُكَاتَبَ إِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ كِتَابَتَهُ اقْتَسَمَا مِيرَاثَهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَإِنْ أَدَّى كِتَابَتَهُ ثُمَّ مَاتَ فَمِيرَاثُهُ لِابْنِ الْمَرْأَةِ وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ مِنْ مِيرَاثِهِ شَيْءٌ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا لِأَنَّهُ إِذَا مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ مَاتَ عَبْدًا فَوَرِثَهُ عَنْهُمَا وَرَثَتُهَا وَهُمُ ابْنُهَا وَزَوْجُهَا كَسَائِرِ مَالِهَا وَأَمَّا إِذَا أَدَّى كِتَابَتَهُ وَقَدْ لَحِقَ بِأَحْرَارِ الْمُسْلِمِينَ وَلَاؤُهُ لِسَيِّدَتِهِ إِلَى عُقْدَةِ كِتَابَتِهِ وَعَنْهَا يُورَثُ إِلَى وَلَائِهِ فَإِنْ مَاتَ لَمْ يَرِثْ وَلَاءَهُ إِلَّا عَصَبَةُ سَيِّدَتِهِ دُونَ ذَوِي الْفُرُوضِ مِنْ وَرَثَتِهَا
وَعَلَى هَذَا جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَسَيَأْتِي هَذَا الْمَعْنَى فِي بَابِ الْوَلَاءِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُكَاتَبِ يُكَاتِبُ عَبْدَهُ قَالَ يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ إِنَّمَا أَرَادَ الْمُحَابَاةَ لِعَبْدِهِ وَعُرِفَ ذَلِكَ مِنْهُ بِالتَّخْفِيفِ عَنْهُ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا كَاتَبَهُ عَلَى وَجْهِ الرَّغْبَةِ وَطَلَبِ الْمَالِ وَابْتِغَاءِ الْفَضْلِ وَالْعَوْنِ عَلَى كِتَابَتِهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ لَهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ كِتَابَةُ الْمُكَاتَبِ لِعَبْدِهِ جَائِزَةٌ عِنْدَ مَالِكٍ مَا لَمْ يُرِدْ بِهَا الْمُحَابَاةَ لِأَنَّهُ لَيْسَ يَجُوزُ لَهُ فِي مَالِهِ أَمْرٌ يَتْلَفُ بِهِ شَيْءٌ مِنْهُ دُونَ عِوَضٍ وَإِنَّمَا يُقَدِّمُ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمَعْرُوفِ حَتَّى يُؤَدِّيَ فَيَعْتِقُ
وَأَجَازَ كِتَابَةَ الْمُكَاتَبِ لِعَبْدِهِ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ