وروى ابو يوسف عن بن أَبِي لَيْلَى قَالَ إِذَا زَنَى الْيَهُودِيُّ أَوِ النَّصْرَانِيُّ بَعْدَ مَا أُحْصِنَا فَعَلَيْهِمَا الرَّجْمُ
قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَبِهِ نَأْخُذُ
فَالْإِحْصَانُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ لَهُ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ الْحُرِّيَّةُ وَالْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ وَالْوَطْءُ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ
وَنَحْوُ هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ
قَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بِامْرَأَتِهِ وَهُمَا حُرَّانِ وَوَطِئَهَا فَهَذَا إِحْصَانٌ مسلمين كانا في حين الزنى بِالِغَيْنِ
وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ
فَقَالَ بعضهم اذا تزوج العبد او الصبي ووطىء فَذَلِكَ إِحْصَانٌ إِذَا زَنَى بَعْدَ الْبُلُوغِ وَالْحُرِّيَّةِ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَكُونُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ مُحْصَنًا كَمَا قَالَ مَالِكٌ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِذَا تَزَوَّجَ الصَّبِيُّ الْحُرُّ أُحْصِنَ فَإِذَا بَلَغَ وَزَنَى رُجِمَ وَالْعَبْدُ لَا يُحْصَنُ حَتَّى يُعْتَقَ بَالِغًا وَيَزْنِيَ بَعْدُ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِذَا تَزَوَّجَ الصَّبِيُّ لَمْ يُحْصَنْ وَإِذَا تَزَوَّجَ الْعَبْدُ أُحْصِنَ
وَقَالُوا جَمِيعًا الْوَطْءُ الْفَاسِدُ لَا يَقَعُ بِهِ إِحْصَانٌ
وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ مِنْ أَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ فِي الْإِحْصَانِ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا وَتَقَصَّيْنَا ذَلِكَ فِي (التَّمْهِيدِ)
وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ أَوْ كَانَ الْحَبَلُ أَوِ الِاعْتِرَافُ) فاجمع العلماء ان البينة في الزنى أَرْبَعَةُ شُهَدَاءَ رِجَالٌ عُدُولٌ يَشْهَدُونَ بِالصَّرِيحِ مِنَ الزنى لَا بِالْكِنَايَةِ وَبِالرُّؤْيَةِ كَذَلِكَ وَالْمُعَايَنَةِ
وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ الْجَمِيعِ فِي ذَلِكَ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فَإِذَا شَهِدَ بِذَلِكَ مَنْ وَصَفْنَا عَلَى مَنْ أَحْصَنَ كَمَا ذَكَرْنَا وَجَبَ الرَّجْمُ عَلَى مَا قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
وَأَمَّا الِاعْتِرَافُ فَهُوَ الاقرار من البالغ العاقل بالزنى صُرَاحًا لَا كِنَايَةً فَإِذَا ثَبَتَ عَلَى إِقْرَارِهِ وَلَمْ يَنْزِعْ عَنْهُ وَكَانَ مُحْصَنًا وَجَبَ عَلَيْهِ الرَّجْمُ وَإِنْ كَانَ بِكْرًا جُلِدَ مِائَةً وَهَذَا كُلُّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ
وَأَمَّا الْحَمْلُ الظَّاهِرُ لِلْمَرْأَةِ وَلَا زَوْجَ لَهَا يُعْلَمُ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ