وَحُجَّتُهُمْ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا قطع في حريسة الجبل حتى يؤويها الْمُرَاحُ فَإِذَا أَوَاهَا الْمُرَاحُ فَالْقَطْعُ عَلَى مَنْ سَرَقَ مِنْهَا ثَمَنَ الْمِجَنِّ)
وَرَوَاهُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُجَّةٌ إِذْ رَوَاهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ثِقَةٌ وَأَدْرَكَ أَبَاهُ وَأَبُوهُ شُعَيْبٌ أَدْرَكَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا قَطْعَ عَلَى خَائِنٍ وَلَا مُخْتَلِسٍ)
فَلَمَّا كَانَ الْخَائِنُ لَا يحترز منه علم انهما لَمْ يَكُنْ فِي حِرْزٍ فَلَيْسَ بِسَرِقَةٍ يَجِبُ فِيهَا الْقَطْعُ
وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَى الْمُضَارِبِ مِنْ مَالِ مُضَارِبِهِ وَكَذَلِكَ الْمُوَدَعُ عِنْدَهُ الْوَدِيعَةُ
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي أَبْوَابٍ مِنْ مَعَانِي الْحِرْزِ يَطُولُ ذِكْرُهَا
فَجُمْلَةُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ أَنَّ الْحِرْزَ كُلُّ مَا يَحْرِزُ النَّاسُ بِهِ أَمْوَالَهُمْ إِذَا أَرَادُوا التَّحَفُّظَ مِنْ سَارِقٍ يَسْرِقُهَا وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الشَّيْءِ الْمَحْرُوزِ وَاخْتِلَافِ الْمَوَاضِعِ فَإِذَا ضُمَّ الْمَتَاعُ فِي السُّوقِ وَقَعَدَ صَاحِبُهُ عَلَيْهِ فَهُوَ حِرْزٌ لَهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَتَاعُ فِي ظَرْفٍ فَأَخْرَجَهُ السَّارِقُ مِنْ ظَرْفِهِ أَوْ كَانَ بِحَيْثُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ صَاحِبُهُ جَازَ ذَلِكَ
وَكَذَلِكَ إِبِلُ الْقَافِلَةِ وَدَوَابُّ الرُّفْقَةِ إِذَا قَطَرَ بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ أَوْ كَانَتْ غَنَمًا فِي مُرَاحِهَا أَوْ مَتَاعًا فِي فُسْطَاطٍ أَوْ خِبَاءٍ وَعَلَيْهِ مَنْ يَحْفَظُهُ وَنَحْوُ هَذَا مِمَّا يَطُولُ أَوْصَافُهُ
وَمَعْنَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ مُتَقَارِبٌ جِدًّا
وَقَدْ قَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ كُلُّ سَارِقٍ سَرَقَ رُبُعَ دِينَارٍ ذَهَبًا أَوْ قِيمَتَهُ مِنْ سَائِرِ الْأَشْيَاءِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَطْعُ مِنْ حِرْزٍ أَخَذَهُ أَوْ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ إِذَا أَخَذَهُ مِنْ مِلْكِ مَالِكٍ لَمْ يَأْتَمِنْهُ عَلَيْهِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَ بِقَطْعِ السَّارِقِ أَمْرًا مُطْلَقًا وَبَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِقْدَارَ الْمَقْطُوعَ فِيهِ وَلَمْ يُبَيِّنِ الْحِرْزَ