قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ذَكَرْنَا الِاخْتِلَافَ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي (التَّمْهِيدِ) وَذَكَرْنَا طُرُقَهُ وَاخْتِلَافَ النَّاقِلِينَ لَهَا فَمِنْهَا مُرْسَلٌ مُنْقَطِعٌ وَمِنْهَا مَا يَسْتَنِدُ مِنْ وَجْهٍ وَيَتَّصِلُ وَهُوَ حَدِيثٌ لَا يُطَابِقُ مَتْنُهُ وَلَفْظُهُ الْمَعْنَى الَّذِي خَرَجَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمَسْرُوقَ كَانَ وَدِيًّا وَالْوَدِيُّ الْفَصِيلُ وَهُوَ النَّخْلَةُ الصَّغِيرَةُ كَالنَّقْلِ مِنْ شَجَرِ التِّينِ وَغَيْرِهَا قَلَعَهُ الَّذِي سَرَقَهُ وَغَرَسَهُ فِي حَائِطِ سَيِّدِهِ
وَالثَّمَرُ الْمُعَلِّقُ مَا كَانَ مِنَ الثِّمَارِ في رؤوس الْأَشْجَارِ لَمْ يَجُذَّهُ رَبُّهُ وَلَمْ يَأْوِيهِ صَاحِبُهُ إِلَى جَرِينٍ وَلَا بَيْدَرٍ وَلَا جُودَانٍ وَلَا أَنْدَرٍ وَلَا مِرْبَدٍ وَإِنَّمَا قَائِمٌ يَتَعَلَّقُ مِنَ الْأَشْجَارِ وَالْكَثَرِ
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُ هُوَ جُمَّارُ النَّخْلِ فِي كَلَامِ الْأَنْصَارِ وَهُوَ يُؤْكَلُ عِنْدَهُمْ كَمَا تُؤْكَلُ الثِّمَارُ وَالْوَدِيُّ لَيْسَ كَذَلِكَ
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ سَرَقَ شَجَرَةً مَقْلُوعَةً أَوْ غَيْرَ مَقْلُوعَةٍ
وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِيمَا يُؤْكَلُ مِنَ الثمار رطبا وفي ما يَكُونُ مِنَ الْحِيطَانِ لِأَشْجَارِهَا وَثِمَارِهَا فَنُورِدُ مِنْ ذَلِكَ مَا حَضَرَنَا ذَكْرُهُ وَبِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ تَوْفِيقُنَا
قَالَ مَالِكٌ لَا قَطْعَ فِي النَّخْلَةِ الصَّغِيرَةِ وَلَا الْكَبِيرَةِ إِذَا قَلَعَهَا مِنْ مَوْضِعِهَا
وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ فِي الشَّجَرَةِ تُقْلَعُ وَتُوضَعُ فِي الْأَرْضِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ وَضْعُهَا فِي الْأَرْضِ حِرْزٌ لَهَا إِذَا كَانَ فِي مَوْضِعٍ مَحْرُوزٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا قَطْعَ فِيهَا عَلَى حال ولم يختلفوا في من قَلَعَ شَيْئًا مِنَ الْبُقُولِ الْقَائِمَةِ وَالشَّجَرِ الْقَائِمَةِ أَنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَى سَارِقِهَا كَمَا لَا قَطْعَ فِي الثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ حَتَّى يَأْوِيَهُ الْجَرِينُ وَلَا فِي حَرِيسَةَ الْجَبَلِ مِنَ الْمَاشِيَةِ كُلِّهَا حَتَّى يَأْوِيَهَا الْمُرَاحُ وَالْجَرِينُ
وَالْمُرَاحُ وَالْجَرِينُ حِرْزٌ عَلَى مَا يُسْرَقُ مِنْهُ لِمَنْ سَرَقَ مِنْهُ وَفِيهِ مَا يُوجِبُ الْقَطْعَ
وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَقَالَ الْأَصْلُ أَنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ
وَالْجَرِينُ حِرْزٌ لِمَا فِيهِ وَالْمُرَاحُ حِرْزٌ لِمَا يَحْوِيهِ مِنَ الْغَنَمِ
قَالَ وَالَّذِي تَعْرِفُهُ الْعَامَّةُ بِالْحِجَازِ أَنَّ الْجَرِينَ حِرْزٌ وَالْحَائِطَ لَيْسَ بِحِرْزٍ
قَالَ وَالْحَوَائِطُ لَيْسَتْ بِحِرْزٍ لِلنَّخْلِ وَلَا لِلثَّمَرِ لِأَنَّ أَكْثَرَهَا مُبَاحٌ يَدْخُلُ مِنْ جَوَانِبِهَا فَمَنْ سَرَقَ مِنْ حَائِطٍ شَيْئًا مِنَ الثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ لَمْ يُقْطَعْ وَإِذَا أَوَاهُ الْجَرِينُ قُطِعَ سَارِقُهُ إِذَا بَلَغَتْ قِيمَتُهُ رُبُعَ دِينَارٍ
قَالَ الشَّافِعِيُّ قَالَ مَالِكٌ فِي الْأُتْرُجَّةِ الَّتِي قَطَعَ فِيهَا عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَتْ أُتْرُجَّةً تُؤْكَلُ