قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ قِيَاسَ الْعَبْدِ عَلَى الْحُرِّ فِي النَّفْسِ وَمَا دُونَهَا أَوْلَى مِنْ قِيَاسِهِ عَلَى الْأَمْوَالِ وَالْبَهَائِمِ
وَقَدِ اسْتَحْسَنَ مَالِكٌ الْكَفَّارَةَ فِي قَتْلِ الْعَبْدِ وَلَمْ يَسْتَحْسِنْهَا هُوَ وَلَا أَحَدٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي الْبَهَائِمِ وَالْأَمْوَالِ
وَلَمْ يُوجِبْ مَالِكٌ الْكَفَّارَةَ فِي قَتْلِ الْعَبْدِ وَقَالَ الْكَفَّارَةُ الَّتِي فِي الْقُرْآنِ لِأَنَّهُ ذَكَرَ (مَعَهَا) الدِّيَةَ وَلَيْسَ فِي قَتْلِ الْعَبْدِ دِيَةٌ
قَالَ وَالْكَفَّارَةُ فِي قَتْلِ الْعَبْدِ حَسَنَةٌ
وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ - مُعْتَرِضًا عَلَيْهِ قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) النِّسَاءِ ٩٢
فَأَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ بِلَا دِيَةٍ فَعَلِمْنَا أَنَّ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ غَيْرُ مَقْصُورٍ عَلَى حَالِ وُجُوبِ الدِّيَةِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ الْكَفَّارَةُ فِي قَتْلِ الْعَبْدِ خَطَأً وَاجِبَةٌ عَلَى (قَاتِلِهِ) عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ وَالشَّافِعِيِّ
وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فَإِنَّمَا ذَلِكَ عَلَى الَّذِي أَصَابَهُ فِي مَالِهِ خاصة بالغا ما بلغ
وإن كانت قيمة الْعَبْدِ أَوْ أَكْثَرَ فَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي يُوسُفَ
وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعُمَرَ بن عبد العزيز وشريح ومكحول وبن شهاب الزهري والحسن وبن سِيرِينَ كُلُّهُمْ قَالَ فِي الرَّجُلِ يَقْتُلُ الْعَبْدَ خَطَأً قِيمَتُهُ عَلَيْهِ
بَالِغًا مَا بَلَغَتْ وَإِنْ زَادَتْ عَلَى دِيَةِ الْحُرِّ أَضْعَافًا
وَرُوِيَ ذَلِكَ عن علي وبن مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ وَمُحَمَّدٌ إِذَا قُتِلَ الْعَبْدُ خَطَأً وَقِيمَتُهُ أكثر من عشرة آلاف درهم لم يرد صَاحِبُهُ عَلَى عَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ
وَهُوَ قَوْلُ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ فَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ لَا يُزَادُ فِي قِيمَةِ الْعَبْدِ عَلَى دِيَةِ الْحُرِّ
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ (فُقَهَاءِ) الْكُوفَةِ لَا يَبْلُغُ بِهِ دِيَةَ الْحُرِّ يَنْقُصُ مِنْهَا شَيْءٌ
رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَنْقُصُ مِنْهُ الدِّرْهَمُ وَنَحْوُهُ
وَقَالَ غَيْرُهُ مِنَ الْكُوفِيِّينَ تَنْقُصُ مِنْهَا عَشَرَةُ دَرَاهِمَ
وَاحْتَجَّ الطَّحَاوِيُّ بِأَنْ قَالَ الرِّقُّ حَالُ نَقْصٍ وَالْحُرِّيَّةُ حَالُ كَمَالٍ وَتَمَامٍ فَمُحَالٌ أَنْ يَجِبَ فِي حَالِ نُقْصَانِهِ أَكْثَرُ مِمَّا يَجِبُ فِي حَالِ تَمَامِهِ