وَقَالَ الْعُلَمَاءُ وَالْحُكَمَاءُ قَدِيمًا الْقَدَرُ سِرُّ اللَّهِ فَلَا تَنْظُرُوا فِيهِ فَلَوْ شَاءَ اللَّهُ أَلَّا يُعْصَى مَا عَصَاهُ أَحَدٌ فَالْعِبَادُ أَدَقُّ شَأْنًا وَأَحْقَرُ مِنْ أَنْ يَعْصُوا اللَّهَ إِلَّا بِمَا يُرِيدُ
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ لَوْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ لَا يُعْصَى مَا خَلَقَ إِبْلِيسَ
وَقَالَ مُطَرِّفُ بْنُ الشِّخِّيرِ لَوْ كَانَ الْخَيْرُ فِي يَدِ أَحَدٍ مَا اسْتَطَاعَ أَنْ يَجْعَلَهُ فِي قَلْبِهِ حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) هُوَ الَّذِي يَجْعَلُهُ فِيهِ
قَالَ وجدت بن آدَمَ مُلْقًى بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَالشَّيْطَانِ فَإِنِ اخْتَارَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ نَجَا وَإِنْ خَلَّا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّيْطَانِ ذَهَبَ بِهِ
وَلَقَدْ أَحْسَنَ الْقَائِلُ حَيْثُ قَالَ
(لَيْسَ لِلَّهِ الْعَظِيمِ نِدٌّ ... وَهَذِهِ الْأَقْدَارُ لَا تُرَدُّ)
(لَهُنَّ وَقْتٌ وَلَهُنَّ حَدٌّ ... مؤخر بعض وبعض نقد)
(وَلَيْسَ مِنْ هَذَا وَهَذَا بُدٌّ ... وَلَيْسَ مَحْتُومًا لِحَيٍّ خُلْدُ) وَفِي الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ إِذَا أَرَادَ الله (عز وجل) بعبد خيرا سلك في قلبه اليقين والتصديق وإذا أَرَادَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) بِعَبْدِهِ شَرًّا سَلَكَ فِي قَلْبِهِ الرِّيبَةَ وَالتَّكْذِيبَ
وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ) الْحِجْرِ ١٢ ١٣
وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضيقا حرجا وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) النَّحْلِ ٩٣ وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ) الْأَعْرَافِ ١٥٥
وَقَالَ الْفَضْلُ الرِّقَاشِيُّ لِإِيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ يَا أَبَا وَائِلَةَ! مَا تَقُولُ فِي هَذَا الْكَلَامِ الَّذِي أَكْثَرَ النَّاسُ فِيهِ يَعْنِي الْقَدَرَ قَالَ إِنْ أَقْرَرْتَ بِالْعِلْمِ خُصِمْتَ وَإِنْ أَنْكَرْتَ كَفَرْتَ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَلَكَ عُبَّادُنَا وَخِيَارُنَا فِي هذا الرأي يعني القدر
وسمع بن عَبَّاسٍ رَجُلَيْنِ يَخْتَصِمَانِ فِي الْقَدَرِ فَقَالَ مَا مِنْكُمَا إِلَّا زَائِغٌ
وَرَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ محمد بن الْحَنَفِيَّةِ قَالَ أَوَّلُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الْقَدَرِيَّةُ أَنْ جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ كَانَ مِنْ قَدَرِ اللَّهَ (عَزَّ وَجَلَّ) أَنَّ شَرَرَةً طَارَتْ فَأَحْرَقَتِ الْكَعْبَةَ فَقَالَ آخَرُ لَيْسَ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ أَنْ يَحْرِقَ الْكَعْبَةَ