وَالْفَدَّادِينَ أَهْلِ الْوَبَرِ وَالسَّكِينَةُ فِي أَهْلِ الْغَنَمِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَأْسُ الْكُفْرِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ فَمَعْنَاهُ أَنَّ كُفْرَ أَهْلِ الْمَشْرِقِ - وَهُمْ ذَلِكَ الْوَقْتَ فَارِسُ وَمَا وَرَاءَهُمْ مِنَ الْعَجَمِ وَكُلُّهُمْ لَا كِتَابَ لَهُ وَلَا شَرِيعَةَ وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ فَكُفْرُهُ أَشَدُّ الْكُفْرِ لِأَنَّهُ لَا يُقِرُّ بِنَبِيٍّ وَلَا بِرَسُولٍ وَلَا كِتَابَ لَهُ وَلَا شَرِيعَةَ وَلَا يَدِينُ بِدِينٍ يَرْضَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
وَأَمَّا قَوْلُهُ وَالْفَخْرُ وَالْخُيَلَاءُ فِي أَهْلِ الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ وَالْفَدَّادِينَ أَهْلِ الْوَبَرِ فَإِنَّهُ أَرَادَ الْأَعْرَابَ أَهْلَ الْجَفَاءِ وَالتَّكَبُّرِ وَهُمْ أَهْلُ الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ وَكُلُّهُمْ أَوْ جُلُّهُمْ فَدَّادٌ مُتَكَبِّرٌ عَلِيٌّ مُتَجَبِّرٌ هَذَا مَعْنَى الْفَدَّادِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَاللُّغَةِ وَإِنْ كَانَ أَهْلُ اللُّغَةِ قَدِ اخْتَلَفُوا فِي الْعِبَارَةِ فِي الْفَدَّادِينَ وَاشْتِقَاقِ الْاسْمِ فِيهِمْ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي التَّمْهِيدِ عَنْهُمْ
وَأَحْسَنُ ذَلِكَ مَا قَالَهُ أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ الْفَدَّادُ ذُو الْمَالِ الْكَثِيرِ الْمُخْتَالُ ذُو الْخُيَلَاءِ
قَالَ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ أَنَّ الْأَرْضَ إِذَا دُفِنَ فِيهَا الْإِنْسَانُ قَالَتْ لَهُ رُبَّمَا مَشَيْتَ عَلَيَّ فَدَّادًا
قَالَ أَبُو عُمَرَ الْحَدِيثُ فِي ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ إِنَّ الْقَبْرَ يُكَلِّمُ العبد إذا وضع فيه فيقول بن آدَمَ مَا غَرَّكَ بِي لَقَدْ كُنْتَ تَمْشِي حَوْلِي فَدَّادًا فِي حَدِيثٍ قَدْ ذَكَرْتُهُ بِإِسْنَادِهِ وَتَمَامِهِ فِي التَّمْهِيدِ
وَقَالَ مَالِكٌ الْفَدَّادُونَ أَهْلُ الْجَبَلِ مِنْ أَهْلِ الْوَبَرِ وَهُمْ أَهْلُ الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ أَنَّهُ قَالَ أَهْلُ الْإِبِلِ أَهْلُ الجفاء
روى وهب بن منبه عن بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ لَزِمَ الْبَادِيَةَ جَفَا
وَقَدْ ذَكَرْتُهُ بِإِسْنَادِهِ وَتَمَامِهِ فِي التَّمْهِيدِ وَفِي كِتَابِ جَامِعِ بَيَانِ الْعِلمِ