وَأَمَّا مُنَاصَحَةُ وُلَاةِ الْأَمْرِ فَلَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ فِي وُجُوبِهَا إِذَا كَانَ السُّلْطَانُ يَسْمَعُهَا وَيَقْبَلُهَا وَلَمَّا رَأَى الْعُلَمَاءُ أَنَّهُمْ لَا يَقْبَلُونَ نَصِيحًا وَلَا يُرِيدُونَ مِنْ جُلَسَائِهِمْ إِلَّا مَا وَافَقَ هَوَاهُمْ زَادَ الْبُعْدُ عَنْهُمْ وَالْفِرَارُ مِنْهُمْ
قَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ إِذَا كَانَ وَالِي الْقَوْمِ خَيْرًا مِنْهُمْ لَمْ يَزَالُوا فِي عُلْيَا وَإِذَا كَانَ وَالِيهِمْ شَرًّا مِنْهُمْ لَمْ يَزْدَادُوا إِلَّا سفالا
حدثنا بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ قَيْسِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ الْأَكَابِرُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَوْنَنَا عَنْ سَبِّ الْأُمَرَاءِ
وَبِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَمَانٍ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ مَا سَبَّ قَوْمٌ أَمِيرَهُمْ إِلَّا حُرِمُوا خَيْرَهُمْ
وَقَدْ أَشْبَعْنَا مَعْنَى الطَّاعَةِ وَالنَّصِيحَةِ لِلْوُلَاةِ وَكَيْفَ الْعَمَلُ فِي ذَلِكَ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ وَمَا يَجِبُ لِلْإِمَامِ عَلَى الرَّعِيَّةِ مِنْ ذَلِكَ وَيَجِبُ عَلَيْهِ وَيَلْزَمُهُ لَهُمْ بِالْآثَارِ الْمَرْفُوعَةِ وَأَقَاوِيلِ السَّلَفِ فِي التَّمْهِيدِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَيَكْرَهُ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ وَإِضَاعَةَ الْمَالِ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ
فَالْمَعْنَى فِي قِيلَ وَقَالَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ - الْخَوْضُ فِي أَحَادِيثِ النَّاسِ الَّتِي لَا فَائِدَةَ فِيهَا وَإِنَّمَا جُلُّهَا الْغَلَطُ وَحَشْوٌ وَغِيبَةٌ وَمَا لَا يُكْتَبُ فِيهِ حَسَنَةٌ وَلَا سَلِمَ الْقَائِلُ وَالْمُسْتَمِعُ فِيهِ مِنْ سَيِّئِهِ
قَالَ الشَّاعِرُ
(وَمَنْ لَا يَمْلِكُ الشَّفَتَيْنِ يُسْحَقْ ... بِسُوءِ اللَّفْظِ مِنْ قِيلٍ وَقَالَ) وَقَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ
(عَلَيْكَ مَا يَعْنِيكَ مَنْ كُلِّ مَا تَرَى ... وَبِالصَّمْتِ إِلَّا عَنْ جَمِيلٍ تَقُولُهُ)
(تَزَوَّدْ مِنَ الدُّنْيَا بِزَادٍ مَنِ التُّقَى ... فَكُلٌّ بِهَا ضَيْفٌ وَشِيكٌ رَحِيلُهُ) وَأَمَّا قَوْلُهُ وَإِضَاعَةُ المال
فللعلماء في ذلك ثلاثة أقوال أحدهما أَنَّ الْمَالَ أُرِيدَ بِهِ مِلْكُ الْيَمِينِ مِنَ الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ وَالدَّوَابِّ وَسَائِرِ الْحَيَوَانِ الَّذِي فِي ملكه أن يحسن إليه ولا يضيعهم فيضيعون
وَهُوَ قَوْلُ السَّرِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الشَّعْبِيِّ
وَاحْتَجَّ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ بِحَدِيثِ أَنَسٍ وَأُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ عَامَّةَ وَصِيَّةِ رَسُولِ