رَوَى عَنْهُ مَالِكٌ حَدِيثَ أُمِّ سَلَمَةَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ فَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ الْحَدِيثَ والله أعلم
قال بن شهاب كان بن أُكَيْمَةَ يُحَدِّثُ فِي مَجْلِسِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فَيُصْغِي إِلَى حَدِيثِهِ وَحَسْبُكَ بِهَذَا فَخْرًا وَثَنَاءً
وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَانْتَهَى النَّاسُ عَنِ الْقِرَاءَةِ إِلَى آخَرِ الْحَدِيثِ فَأَكْثَرُ رُوَاةِ بن شهاب عنه لهذا الحديث يجعلونه كلام بن شِهَابٍ وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُهُ كَلَامَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ أَوْضَحْنَا ذَلِكَ كُلَّهُ فِي التَّمْهِيدِ
وَفِقْهُ هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ جِيءَ بِهِ هُوَ تَرْكُ الْقِرَاءَةِ مَعَ الْإِمَامِ فِيمَا جَهَرَ فِيهِ الْإِمَامُ بِالْقِرَاءَةِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقْرَأَ مَعَهُ إِذَا جَهَرَ لَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَلَا بِغَيْرِهَا عَلَى ظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَعُمُومِهِ
وَهَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَتْ فِيهِ الْآثَارُ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَاخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَفُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ
أَحَدُهَا يَقْرَأُ مَعَهُ فِيمَا أَسَرَّ فِيهِ وَلَا يَقْرَأُ مَعَهُ فِيمَا جَهَرَ
وَالثَّانِي لَا يَقْرَأُ مَعَهُ لَا فِيمَا أَسَرَّ وَلَا فِيمَا جَهَرَ
وَالثَّالِثُ يَقْرَأُ مَعَهُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ خَاصَّةً فِيمَا جَهَرَ وَبِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ فِيمَا أَسَرَّ
فَأَمَّا الْقَوْلُ الْأَوَّلُ فَقَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُعِنْدَنَا أَنْ يَقْرَأَ الرَّجُلُ مَعَ الْإِمَامِ فِيمَا لَا يَجْهَرُ فِيهِ الْإِمَامُ بِالْقِرَاءَةِ وَيَتْرُكُ الْقِرَاءَةَ مَعَهُ فِيمَا يَجْهَرُ فِيهِ بِالْقِرَاءَةِ
وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ وَسَالِمِ بْنِ عبد الله بن عمر وبن شِهَابٍ وَقَتَادَةَ
وَبِهِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَدَاوُدُ وَالطَّبَرِيُّ
إِلَّا أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ قَالَ إِنْ سَمِعَ فِي صَلَاةِ الْجَهْرِ لَمْ يَقْرَأْ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ قَرَأَ
وَمِنْ أَصْحَابِ دَاوُدَ مَنْ قَالَ لَا يَقْرَأُ فِيمَا قَرَأَ إِمَامُهُ وَجَهَرَ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَقْرَأُ وَأَوْجَبُوا كُلُّهُمُ الْقِرَاءَةَ إِذَا أَسَرَّ
وَاخْتُلِفَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وبن مَسْعُودٍ فَرُوِيَ عَنْهُمْ أَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يَقْرَأُ وَرَاءَ الْإِمَامِ لَا فِيمَا أَسَرَّ وَلَا فِيمَا جَهَرَ كَقَوْلِ الْكُوفِيِّينَ
وَرُوِيَ عَنْهُمْ أَنَّهُ يَقْرَأُ فِيمَا أَسَرَّ وَلَا يَقْرَأُ مَعَهُ فِيمَا جَهَرَ كَقَوْلِ مَالِكٍ
وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ كَانَ يقوله بالعراق