وَحُجَّةُ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ أَنَّهُ لَا تَنُوبُ قِرَاءَةُ أَحَدٍ عَنْ أَحَدٍ كَمَا لَا يَنُوبُ الرُّكُوعُ عَنِ السُّجُودِ
وَمِنْ جِهَةِ الْأَثَرِ حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْغَدَاةِ فَثَقُلَتْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ فلما انصرف قال ((إني لأراكم تقرؤون وَرَاءَ الْإِمَامِ)) قَالُوا نَعَمْ قَالَ ((فَلَا تَفْعَلُوا إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَإِنَّهُ لَا صَلَاةَ إِلَّا بِهَا))
وَفِي حَدِيثِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال أتقرؤون وَرَاءَ الْإِمَامِ قَالُوا نَعَمْ قَالَ ((فَلَا تَفْعَلُوا إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ))
إِلَّا أَنَّ حَدِيثَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَائِشَةَ مُنْقَطِعٌ مُرْسَلٌ وَحَدِيثُ عُبَادَةَ مِنْ رِوَايَةِ مَكْحُولٍ وَغَيْرِهِ مُتَّصِلٌ مُسْنَدٌ مِنْ رِوَايَةِ الثِّقَاتِ وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ كُلُّهَا مَذْكُورَةٌ فِي ((التَّمْهِيدِ))
قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى سَمُرَةُ وَأَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ كَانَتْ لَهُ سَكَتَاتٌ فِي صَلَاتِهِ حِينَ يُكَبِّرُ وَيَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ وَحِينَ يَقْرَأُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَإِذَا فَرَغَ مِنَ الْقِرَاءَةِ قَبْلَ الرُّكُوعِ
قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَكَانُوا يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يَسْكُتَ عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنَ السُّورَةِ لِئَلَّا يَتَّصِلُ التَّكْبِيرُ بِالْقِرَاءَةِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ فَذَهَبَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةَ وَجَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّ الْإِمَامَ يَسْكُتُ سَكَتَاتٍ عَلَى مَا فِي هَذِهِ الْآثَارِ الْمَذْكُورَةِ وَيَتَحَيَّنُ الْمَأْمُومُ تِلْكَ السَّكَتَاتِ مِنْ إِمَامِهِ فَيَقْرَأُ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَيَسْكُتُ فِيهَا فِي سَائِرِ صَلَاةِ الْجَهْرِ فَيَكُونُ مُسْتَعْمِلًا لِلسُّنَّةِ وَالْآيَةِ فِي ذَلِكَ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ حَقٌّ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَسْكُتَ سَكْتَةً بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الْأَوْلَى وَسَكْتَةً بَعْدَ فَرَاغِهِ بِقِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَبَعْدَ الْفَرَاغِ بِالْقِرَاءَةِ لِيَقْرَأَ مَنْ خَلْفَهُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ