وقال بن مَسْعُودٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ((إِنَّ اللَّهَ يُحْدِثُ مِنْ أَمْرِهِ ما شاء وإن مما أحدث ألا تكلموا فِي الصَّلَاةِ))
وَقَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ الْحَكَمِ السُّلَمِيُّ سمعت رسول الله يَقُولُ ((إِنَّ صَلَاتَنَا هَذِهِ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامٍ إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّهْلِيلُ وَالتَّحْمِيدُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ))
وَقَدْ ذَكَرْنَا أَسَانِيدَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ فِي التَّمْهِيدِ
وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ تَحْرِيمَ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ جُمْلَةٌ إِلَّا مَا نَذْكُرُهُ بَعْدُ عَنْهُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
وَلَيْسَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ بِشَيْءٍ لِأَنَّ إِغَاثَةَ الْمَلْهُوفِ وَمَا أَشْبَهَهُ ليس تمنع من استئناف الصلاة ولا يوجب الْبِنَاءَ عَلَى مَا مَضَى مِنْهَا إِذْ ذَلِكَ الْفِعْلُ مُبَايِنٌ لَهَا مُفْسِدٌ قَاطِعٌ فَإِنَّهُ يُطَابِقُ النَّهْيَ
وَفِي مُوَافَقَةِ الْأَوْزَاعِيِّ لِلْجَمَاعَةِ فِيمَنْ تَكَلَّمَ عَامِدًا فِي صَلَاتِهِ بِغَيْرِ مَا ذَكَرَ أَنَّهَا قَدْ فَسَدَتْ عَلَيْهِ وَيَلْزَمُهُ اسْتِئْنَافُهَا - مَا يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ قَوْلِهِ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ كَلَامِ النَّاسِ فِيهَا عَامٌّ فَمَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ بِالدَّلِيلِ الْوَاضِحِ فَهُوَ عَلَى أَصْلِ التَّحْرِيمِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
وَأَمَّا اخْتِلَافُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ فِي الَّذِي يَتَكَلَّمُ وَقَدْ سَلَّمَ مِنْ صَلَاتِهِ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّهَا وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ قَدْ أَتَمَّهَا فَإِنَّ مَالِكًا وَأَصْحَابَهُ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ
فَرَوَى سَحْنُونٌ عن بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ لَوْ أَنَّ قَوْمًا صَلَّى بِهِمْ رَجُلٌ رَكْعَتَيْنِ وَسَلَّمَ سَاهِيًا فَسَبَّحُوا بِهِ فَلَمْ يَفْقَهْ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ خَلْفِهِ مِمَّنْ هُوَ مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ إِنَّكَ لَمْ تُتِمَّ فَأَتِمَّ صَلَاتَكَ فَالْتَفَتَ إِلَى الْقَوْمِ فَقَالَ أَحَقٌّ مَا يَقُولُ هَذَا فَقَالُوا نَعَمْ - قَالَ يُصَلِّي بِهِمُ الْإِمَامُ مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِمْ وَيُصَلُّونَ مَعَهُ بَقِيَّةَ صَلَاتِهِمْ مَنْ تَكَلَّمَ مِنْهُمْ وَمَنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ وَيَفْعَلُونَ فِي ذَلِكَ مَا فَعَلَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السلام - يوم ذي اليدين
هذا قول بن الْقَاسِمِ فِي كُتُبِهِ ((الْأَسَدِيَّةِ)) وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ