وَإِنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْهُ نَادِرًا لَيْسَ لِأُمَّتِهِ كَمَا سَنَّ فِيمَنْ نَامَ أَوْ نَسِيَ وَكَمَا قال صلى الله عليه وسلم إِنِّي لَأَنْسَى لِأَسُنَّ
وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَبُو سُفْيَانَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِيلَ لِي لِتَنَمْ عَيْنُكَ وَلْيَعْقِلْ قَلْبُكُ وَلْتَسْمَعْ أُذُنُكَ فَنَامَتْ عَيْنِي وَعَقَلَ قَلْبِي وَسَمِعَتْ أُذُنِي وَذَكَرَ الْحَدِيثَ
وَقَدْ زِدْنَا هَذَا الْمَعْنَى بَيَانًا فِي التَّمْهِيدِ وَتَقَدَّمَ عَنْهُ فِي بَابِ النَّوْمِ عَنِ الصَّلَاةِ لَيْلَةَ الْوَادِي مَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
٢٣٤ - وَأَمَّا حَدِيثُهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً إذا سمع النداء بالصبح ركعتين ثم يصلى خَفِيفَتَيْنِ
فَهَذَا أَكْثَرُ مَا رُوِيَ فِي عَدَدِ رَكَعَاتِ صَلَاتِهِ بِاللَّيْلِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُعَارِضُ حَدِيثَ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ عَنْ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً
وَهَذِهِ شَهَادَاتُ عُدُولٍ عَلَى عَائِشَةَ فَمَنْ زَادَ فِي ذَلِكَ زِيَادَةً قُبِلَتْ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ مُسْتَأْنِفَةٌ
وَأَهْلُ الْعِلْمِ يَقُولُونَ إِنَّ الِاضْطِرَابَ عَنْهَا فِي أَحَادِيثِهَا فِي الْحَجِّ وَأَحَادِيثُهَا فِي الرَّضَاعِ وَأَحَادِيثُهَا فِي صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّيْلِ وَأَحَادِيثُهَا فِي قَصْرِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ لَمْ يَأْتِ ذَلِكَ إِلَّا مِنْهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لِأَنَّ الَّذِينَ يَرْوُونَ ذَلِكَ عَنْهَا حُفَّاظٌ أَثْبَاتٌ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَالْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ وَمَسْرُوقٌ وَنُظَرَاؤُهُمْ
وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنْ لَا حَدَّ وَلَا شَيْءَ مُقَدَّرًا فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ وَأَنَّهَا نَافِلَةٌ فَمَنْ شَاءَ أَطَالَ فِيهَا الْقِيَامَ وَقَلَّتْ رَكَعَاتُهُ وَمَنْ شَاءَ أَكْثَرَ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ