وإني رسول الله فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا
قَالُوا وَقَدْ بَيَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا حَقُّهَا فَقَالَ لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ كُفْرٍ بَعْدَ إِيمَانٍ أَوْ زِنًا بَعْدَ إِحْصَانٍ أَوْ قَتْلِ نَفْسٍ بِنَفْسٍ يَعْنِي قَوْدًا
وَقَدْ بَسَطْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي التَّمْهِيدِ بَسْطًا شَافِيًا وَذَكَرْنَا أَقْوَالَ سَائِرِ أَهْلِ الْقِبْلَةِ فِيهَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ مَنْ صَلَّى فِي بَيْتِهِ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَأُقِيمَتْ عَلَيْهِ تِلْكَ الصَّلَاةُ أَنَّهُ يُصَلِّيهَا مَعَهُمْ وَلَا يَخْرُجُ حَتَّى يُصَلِّيَ وَإِنْ كَانَ قَدْ صَلَّى فِي جَمَاعَةِ أَهْلِهِ أَوْ غَيْرِهِمْ
لِأَنَّ فِي حَدِيثِنَا فِي هَذَا الْبَابِ قَوْلَهُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَكِنِّي قَدْ صَلَّيْتُ فِي أَهْلِي فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَيْتَ فَوَجَدْتَ النَّاسَ يُصَلُّونَ فَصَلِّ مَعَهُمْ وَإِنْ كُنْتَ قَدْ صَلَّيْتَ
وَاحْتَمَلَ قَوْلُهُ صَلَّيْتُ فِي أَهْلِي أَيْ فِي جَمَاعَةِ أَهْلِي وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ صَلَّى فِي بَيْتِهِ وَحْدَهُ
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا الْمَعْنَى فَقَالَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِنَّمَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ مَعَ الْإِمَامِ فِي الْجَمَاعَةِ مَنْ صَلَّى وَحْدَهُ فِي بَيْتِهِ وَأَهْلِهِ أَوْ فِي غَيْرِ بَيْتِهِ
وَأَمَّا مَنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ وَإِنْ قَلَّتْ فَإِنَّهُ لَا يُعِيدُ فِي جَمَاعَةٍ أَكْثَرَ مِنْهَا وَلَا أَقَلَّ وَكُلُّ مَنْ صَلَّى عِنْدَهُمْ مَعَ آخَرَ فَقَدْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ وَلَا يُعِيدُ فِي أُخْرَى قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ وَلَوْ أَعَادَ فِي جَمَاعَةٍ أُخْرَى لَأَعَادَ فِي ثَالِثَةٍ أَوْ رَابِعَةٍ إِلَى مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ وَهَذَا لَا يَخْفَى فَسَادُهُ
وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَأَبُو حَنِيفَةَ والشافعي وأصحابهم