وَبِالْآثَارِ الَّتِي رَوَاهَا الصُّنَابِحِيُّ وَغَيْرُهُ فِي النَّهْيِ عن الصلاة في حين طلوع الشمس وحين غُرُوبِهَا
وَحَمَلُوا ذَلِكَ عَلَى الْفَرَائِضِ وَعَلَى النَّوَافِلِ وَقَالُوا لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى لَا يُؤَدَّى فِيهِمَا صِيَامُ رَمَضَانَ وَلَا نَفْلٌ لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن صِيَامِهِمَا - فَكَذَلِكَ هَذِهِ الْأَوْقَاتُ لَا تُصَلَّى فِيهَا فَرِيضَةٌ وَلَا نَافِلَةٌ لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهَا
وَهَذَا يَرُدُّ قَوْلَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ((مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ))
وَرَوَى أَبُو رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ ((إِذَا أَدْرَكْتَ رَكْعَةً مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَصَلِّ إِلَيْهَا أُخْرَى))
وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ بِإِسْنَادِهِ فِي ((التَّمْهِيدِ))
وَهَذِهِ إِبَاحَةٌ مِنْهُ لِصَلَاةِ الْفَرِيضَةِ فِي حِينِ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَحِينِ غُرُوبِهَا فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ نَهْيَهُ الْمَذْكُورَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي حِينِ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَحِينِ غُرُوبِهَا لَمْ يَكُنْ عَنِ الْفَرَائِضِ وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ التَّطَوُّعَ وَالنَّافِلَةَ
وَأَمَّا قَوْلُهُ ((فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَقَامَ الصَّلَاةَ)) فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالْأَذَانِ وَإِنَّمَا أَمَرَهُ بِالْإِقَامَةِ فَقَطْ
وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ فِي الصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ أَنَّهَا تُقَامُ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَأَنَّهُ لَا يُؤَذَّنُ لِصَلَاةِ فَرِيضَةٍ إِلَّا فِي وَقْتِهَا
وَيَحْتِمَلُ أَنْ يَكُونَ أَمَرُهُ فَأَقَامَ الصَّلَاةَ بِمَا تُقَامُ بِهِ مِنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ حِينَ نَامَ عَنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ فِي سَفَرِهِ أَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ وَأَقَامَ وَفِي بَعْضِهَا أَنَّهُ أَمَرَهُ فَأَقَامَ وَلَمْ يَذْكُرْ أَذَانًا
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لِلصَّلَوَاتِ الْفَوَائِتِ
فَقَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةٌ أَوْ صَلَوَاتٌ حَتَّى خَرَجَ وَقْتُهَا أَقَامَ لِكُلِّ صَلَاةٍ إِقَامَةً إِقَامَةً وَلَمْ يُؤَذِّنْ
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ لَيْسَ عَلَيْهِ فِي الْفَوَائِتِ أَذَانٌ وَلَا إِقَامَةٌ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ صَلَّاهَا بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إِذَا فَاتَتْهُ صَلَوَاتٌ فَإِنْ صَلَّاهُنَّ بِإِقَامَةِ إِقَامَةٍ كَمَا فَعَلَ