لِأَنَّ صُفُوفَ النِّسَاءِ كَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ صُفُوفِ الرِّجَالِ شَيْءٌ مِنَ الْبُعْدِ
وَلَا يَحْتَمِلُ عِنْدِي مَا ظَنَّهُ بَعْضُ النَّاسِ مِنْ كَرَاهِيَةِ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْ صُفُوفِ النِّسَاءِ وَهُنَّ خَلْفَ الْإِمَامِ لِمَا قَدَّمْنَا فِي سُتْرَةِ الْإِمَامِ أَنَّهَا سُتْرَةٌ لِمَنْ خَلْفَهُ وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ الْمُصَلِّي بِالدُّنُوِّ مِنْ سُتْرَتِهِ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ وهو مذكور في التمهيد
وها هنا أَنَّ الدُّنُوَّ مِنْهَا مَوْجُودٌ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ وغيره عن نافع عن بن عُمَرَ عَنْ بِلَالٍ فِي صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكَعْبَةِ وَفِيهِ وَجَعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِدَارِ ثَلَاثَةَ أَذْرُعٍ
هَكَذَا رواه بن الْقَاسِمِ وَجَمَاعَةٌ عَنْ مَالِكٍ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ
قَالَ عَطَاءٌ أَقَلُّ مَا يَكْفِيكَ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ
وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ يَسْتَحِبَّانِ ثَلَاثَةَ أَذْرُعٍ وَلَا يُوجِبَانِ ذَلِكَ
وَلَمْ يَحُدَّ فِيهِ مَالِكٌ حَدًّا
وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ يَجْعَلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سُتْرَتِهِ سِتَّةَ أَذْرُعٍ
وَقَالَ عِكْرِمَةُ إِذَا كَانَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِي يَقْطَعُ الصَّلَاةَ قَذْفَةُ حَجَرٍ لَمْ يَقْطَعِ الصَّلَاةَ
وَخَيْرٌ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ الِاقْتِدَاءُ وَالتَّأَسِّي بِحَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ كَانَ بَيْنَ مَقَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ ممر عنز