وَعَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ أَنَّهُمْ قَالُوا صَاحِبُ الْبَيْتِ أَعْلَمُ بِعَوْرَةِ بَيْتِهِ فَلَا يَقْعُدُ الزَّائِرُ إِلَّا حَيْثُ يُشَارُ إِلَيْهِ مِنَ الْبَيْتِ
وَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ إِجَازَةُ إِمَامَةِ الْأَعْمَى وَلَا أَعْلَمُهُمْ يَخْتَلِفُونَ فِيهِ
وَفِيهِ أَنَّ مَنْ تَخَلَّفَ عَنِ الْجَمَاعَةِ أَنْ يَجْمَعَ بِأَهْلِهِ وَجُلَسَائِهِ وَلَمْ يَتَخَلَّفْ عِتْبَانُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ إِلَّا لِعُذْرٍ وَمُحَالٌ أَنْ يَتَخَلَّفَ عَلَيْهِ مُؤْمِنٌ إِلَّا لِعُذْرٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَلِكَ الْجَمَاعَةُ لَا يَجُوزُ التَّخَلُّفُ عَنْهَا لِغَيْرِ جَمَاعَةٍ إِلَّا لعذر فإن تخلف لعذر فلا حرج وإن تَخَلَّفَ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَقَدْ بَخَسَ نَفْسَهُ حَظَّهَا فِي فَضْلِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَصَلَاتُهُ مَاضِيَةٌ مُجْزِئَةٌ عَنْهُ
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ التَّخَلُّفِ عَنِ الْجَمَاعَةِ عَمْدًا وَهُوَ أَيْضًا مُعَارِضٌ لِلْحَدِيثِ الْمَرْوِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَا رُخْصَةَ فِي التَّخَلُّفِ عَنْهَا لِمَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ
وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ هَذَا هُوَ الَّذِي قِيلَ لَهُ أَتَسْمَعُ النِّدَاءَ قَالَ نَعَمْ قَالَ مَا أَجِدُ لَكَ رُخْصَةً
وَفِي حَدِيثِ مَالِكٍ هَذَا مَا يُعَارِضُ ذَلِكَ الْحَدِيثَ وَقَدْ مَضَى فِي هَذَا الْمَعْنَى مَا فِيهِ شِفَاءٌ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَمِنْ هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ وَقَدْ مَضَى هَذَا الْمَعْنَى مُجَوَّدًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
وَفِيهِ جَوَازُ إِخْبَارِ الْإِنْسَانِ عَنْ نَفْسِهِ بِعَاهَةٍ نَزَلَتْ بِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ شَكْوَى مِنْهُ بِرَبِّهِ لِقَوْلِهِ وَأَنَا رَجُلٌ ضَرِيرُ الْبَصَرِ
وَفِيهِ التَّبَرُّكُ بِالْمَوَاضِعِ الَّتِي صَلَّى فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَطِئَهَا وَقَامَ عَلَيْهَا
وَأَدْخَلَ مَالِكٌ هَذَا الْحَدِيثَ بِإِثْرِ الَّذِي قَبْلَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِيُبَيِّنَ لَكَ أَنَّ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ مُخَالِفٌ لِلَّذِي قَبْلَهُ
وَالتَّبَرُّكُ وَالتَّأَسِّي بِأَفْعَالِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيمَانٌ وَتَصْدِيقٌ وَحُبٌّ فِي اللَّهِ ورسوله