الْبَيْتُ الْحَرَامُ كَذَلِكَ فَكَيْفَ وُفِي نَقْلِ الثِّقَاتِ الْحُفَّاظُ مُسْتَقْبِلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ مُسْتَدْبِرَ الْكَعْبَةِ فَجَاءَ بِالْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا
وَقَدْ رَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَغَيْرُهُ عَنْ خَالِدِ بْنِ الصَّلْتِ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ قَوْمًا يَكْرَهُونَ أَنْ يَسْتَقْبِلُوا بِفُرُوجِهِمُ الْقِبْلَةَ فَقَالَ فَعَلُوهَا اسْتَقْبِلُوا بِمَقْعَدِي الْقِبْلَةَ
وَهَذَا وَاضِحٌ مِنْ خُصُوصِ الْبُيُوتِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَقَاعِدَ لَا تَكُونُ إِلَّا فِي الْبُيُوتِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الصَّحَارِي عَلَيْهَا حَرَجُ النَّهْيِ خَاصَّةً وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَقَدْ ذَكَرْنَا أَسَانِيدَ أَحَادِيثِ هَذَا الْبَابِ كُلَّهَا فِي التَّمْهِيدِ
وقد روى مروان الأصفر عن بن عُمَرَ أَنَّهُ رَآهُ أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ مُسْتَقْبِلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ثُمَّ جَلَسَ يَبُولُ إِلَيْهَا فَقُلْتُ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ! أَلَيْسَ قَدْ نُهِيَ عَنْ هَذَا فَقَالَ إِنَّمَا نُهِيَ عَنْ ذَلِكَ فِي الْفَضَاءِ وَإِذَا كَانَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ شَيْءٌ يَسْتُرُكَ فَلَا بِأْسَ
وَرَوَى وَكِيعٌ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ عِيسَى بْنِ أَبِي عِيسَى الْخَيَّاطِ وَهُوَ عِيسَى بْنُ مَيْسَرَةَ قَالَ قُلْتُ لِلشَّعْبِيِّ إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ لَا تَسْتَقْبِلُوا القبلة ولا تستدبروها وقال بن عُمَرَ كَانَتْ مِنِّي الْتِفَاتَةٌ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كَنِيفِهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ
فَقَالَ الشَّعْبِيُّ صَدَقَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَصَدَقَ بن عُمَرَ قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْبَرِّيَّةِ وَقَوْلُ بن عُمَرَ فِي الْكَنِيفِ قَالَ الشَّعْبِيُّ فَأَمَّا كُنُفُكُمْ هَذِهِ فَلَا قِبْلَةَ لَهَا
هَذَا حَدِيثُ وَكِيعٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي التَّمْهِيدِ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ مسندا وحديث بن عُمَرَ مِنْ رِوَايَةِ عِيسَى الْحَنَّاطِ
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ دَاوُدُ وَمَنِ اتَّبَعَهُ وَهُوَ قَوْلُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ جَائِزٌ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ لِلْبَوْلِ وَالْغَائِطِ فِي الصَّحَارِي وَالْبُيُوتِ
وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم نهى عن اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَاسْتِدْبَارِهَا بِالْبَوْلِ وَالْغَائِطِ قَالَ ثُمَّ رَأَيْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ بِبَوْلِهِ قَبْلَ موته بعام