فصل في الصداق وهو ما وجب بنكاح أو وطئ.
وسمي بذلك لاشعاره بصدق رغبة باذله في النكاح الذي هو الاصل في
ــ
وأما المبعض فالظاهر أنه يلزمه بقسط ما فيه من الحرية.
اه.
(قوله: وقيل يجب) أي المهر على عبده أولا ثم يسقط عنه.
وفي المغني ما نصه: وهل وجب المهر ثم سقط أو لم يجب أصلا؟ ظاهر كلام المصنف الثاني، وجرى عليه في المطلب.
وتظهر فائدة الخلاف فيما إذا زوجه بها وفوض بعضها.
ثم وطئها بعدما أعتقه.
فإن قلنا بعدم الوجوب فلا شئ للسيد عليه، وإن قلنا بالوجوب وجب للسيد عليه مهر المثل لأنه وجب بالوطئ وهو حر.
اه.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
فصل في الصداق أي في بيان أحكامه: كسنية ذكره في العقد، أو كراهته، وهو بفتح الصاد، ويجوز كسرها، ويجمع جمع قلة على أصدقة، وكثرة على صدق، بضمتين، ويؤخذ الجمعان المذكوران من قول ابن مالك: في اسم مذكر رباعي بمد ثالث افعله عنهم اطرد وقوله: وفعل لاسم رباعي بمدقد زيد قبل لام اعلالا فقد والأول مثل طعام وأطعمة ورغيف وأرغفة وعمود وأعمدة.
والثاني مثل قضيب وقضب وعمود وعمد.
والأصل فيه قبل الإجماع: قوله تعالى: * (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة) * (١) أي تكرمة وعطية، وقوله تعالى: * (وآتوهن أجورهن) * (٢) وقوله - صلى الله عليه وسلم - لمريد التزوج التمس ولو خاتما من حديد رواه الشيخان: أي اطلب شيئا تجعله صداقا ولو كان الملتمس خاتما من حديد.
والمخاطب بإيتاء المهور إلى النساء الأزواج عند الأكثرين، وهو الظاهر، وقيل الأولياء لأنهم كانوا في الجاهلية بأخذونها ولا يعطون النساء منها شيئا، بل بقي منه بقية الآن في بعض البلاد (قوله: وهو) أي الصداق شرعا ما
ذكر، وأما لغة فهو اسم لما وجب بالنكاح فقط، فيكون المعنى الشرعي أعم من اللغوي على عكس القاعدة من أن اللغوي أعم من المعنى الشرعي، وهذا مبني على أنه لا فرق بين الصداق والمهر.
أما على ما قيل من أن الصداق ما وجب بالنكاح والمهر ما وجب بغير ذلك فلا يكون المعنى الشرعي أعم من المعنى اللغوي لكنه على خلاف القاعدة أيضا لأن القاعدة أن المعنى اللغوي أعم من المعنى الشرعي كما علمت وهذا مساو له (قوله: ما وجب) أي مال أو منفعة وجب للمرأة على الرجل غالبا وقد يجب للرجل على المرأة كما لو أرضعت إحدى زوجتيه وهي الكبرى الأخرى وهي الصغرى فيجب على المرضعة نصف مهر مثل الصغرى للزوج، ويجب على الزوج للصغرى نصف المسمى إن كان صحيحا، وإلا فنصف مهر المثل.
وإنما وجب على المرضعة للزوج نصف المهر ولم يجب المهر كله مع أنها فوتت عليه البضع اعتبارا لما يجب له بما يجب عليه، وقد يجب للرجل على الرجل كما في شهود الطلاق إذا رجعوا بعد حكم الحاكم بالفراق فإنهم يغرمون مهر المثل للزوج.
وقوله بنكاح: أي بسبب نكاح: أي عقد صحيح، وهذا في غير المفوضة وهي القائلة لوليها زوجني بلا مهر أو على أن لا مهر لي، أما هي فمهرها لا يجب بالعقد بل بأحد ثلاثة أشياء: بفرض الزوج على نفسه، وبفرض الحاكم على الزوج، وبالوطئ.
وقال بعضهم: إن وجوب مهرها وإن كان مبتدأ بالفرض وغيره لكن أصله العقد فشمله قوله بنكاح.
وقوله أو وطئ: أي في شبهة أو في تفويض، فإذا وطئها بشبهة وجب عليه مهر المثل.
ومنها الوطئ في النكاح الفاسد.
وكان على الشارح أن يزيد في التعريف أو تفويت بضع قهرا ليشمل مسألة الارضاع
(١) سورة النساء، الاية: ٤.
(٢) سورة النساء، الاية: ٢٥