ما يحتمل الطلاق وغيره إن كانت (مع نية) لايقاع الطلاق (مقترنة بأولها) أي الكناية وتعبيري بمقترنة بأولها هو ما رجحه كثيرون، واعتمده الاسنوي والشيخ زكريا تبعا لجمع محققين ورجح في أصل الروضة الاكتفاء بالمقارنة لبعض اللفظ ولو لآخره وهي (كأنت علي حرام) أو حرمتك أو حلال الله علي حرام ولو تعارفوه طلاقا - خلافا للرافعي - ولو نوى تحريم عينها أو نحو فرجها أو وطئها لم تحرم، وعليه مثل كفارة يمين وإن لم يطأ.
ولو قال:
ــ
الآتية فيها خفاء وإيماء إلى الطلاق من غير تصريح به سميت كناية (قوله: وهي ما يحتمل الطلاق وغيره) أي الكناية لفظ يحتمل الطلاق، ويحتمل غير الطلاق، لكن احتماله للأول أقرب.
وفي ترغيب المشتاق ضابط الكناية أن يكون للفظ إشعار قريب بالفرقة ولم يسمع استعماله فيه شرعا.
اه.
وذلك كقوله: أنت برية فإنه يحتمل الطلاق لكون المراد برية من الزوج ويحتمل غير الطلاق لكون المراد برية من الدين أو من العيوب وهكذا.
وخرج بذلك ما لا يحتمل ما ذكر نحو قومي واقعدي وأطعميني واسقيني وزوديني وما أشبه ذلك فلا يقع به طلاق وإن نواه لأن اللفظ لا يصلح له (قوله: إن كانت مع نية الخ) قيد في وقوع الطلاق بالكناية: أي يقع الطلاق بالكناية إن كانت مع نية لإيقاع الطلاق زاد في التحفة: ومع قصد حروفه أيضا، ثم قال: فإن لم ينو ذلك لم يقع إجماعا سواء الكناية الظاهرة، وهي المقترن بها قرينة كأنت بائن بينونة محرمة لا تحلين لي أبدا - وغيرها - كلست لي بزوجة إلا إن وقع في جواب دعوى فإنه إقرار.
وقد يؤخد من ذلك ما بحثه ابن الرفعة أن السكران لا ينفذ طلاقه بها لتوقفه على النية وهي مستحيلة منه، فمحل نفوذ تصرفه السابق إنما هو بالصرائح فقط، ولك أن تقول شرط الصريح أيضا قصد لفظه مطلقا أو لمعناه كما تقرر والسكران يستحيل عليه قصد ذلك أيضا، فكما أوقعوه به ولم ينظروا لذلك فكذا هي.
اه.
بتصرف.
وكتب سم قوله: قصد لفظه الخ.
قد يقال: المراد بهذا الشرط عدم الصارف لا حقيقة القصد، فلا دليل فيه لما ذكره، ولا وجه للإيقاع عليه بالكناية ما لم يقر بأنه نوى، وهو مراد ابن الرفعة.
اه.
(قوله: مقترنة بأولها) أي وإن عزبت في آخرها استصحابا لحكمها في باقيها.
وخرج بقوله: أولها آخرها فلا يكفي اقتران النية به لأن انعطافها على ما مضى بعيد (قوله: ورجح في أصل الروضة الخ) ورجح في المنهاج اشتراط الإقتران بكل اللفظ.
وعبارته: وشرط نية الكناية اقترانها بكل اللفظ.
قال في المغني: فلو قارنت أوله وعزبت قبل آخره لم يقع طلاق.
اه.
فتحصل أن الأقوال ثلاثة، وقد صرح بها كلها في فتح الجواد مع الأصل وعبارتهما: وشرط تأثير
الكناية أن يكون لفظها مصحوبا بنية للطلاق إجماعا، وأن تكون النية قد قارنت أوله.
وفي المنهاج جميعه.
وفي أصل الروضة تكفي مقارنتها ولو لآخره، وصحح كلا جماعة - كما بينته في الأصل - مع بيان أن الأخير هو الأوجه.
وتعليل الأول بأن انعطافها على ما مضى بعيد، بخلاف استصحاب ما وجد يجاب عنه بأن هذا إنما ينظر إليه في العبادات، وأما غيرها فالقصد صون اللفظ عن نحو الهذيان، وصونه يحصل باقتران النية بجزء من أجزائه فليس هنا انعطاف يستبعد وأن الأوجه أيضا أن اللفظ المختلف في الإقتران به هو جميع أنت بائن مثلا لا بائن فقط.
اه.
(قوله: وهي) أي الكناية (قوله: كأنت الخ) أتى بالكاف لأن كنايات الطلاق لا تنحصر فيما ذكر، بل هي كثيرة والضابط فيها كل لفظ أشعر بالفرقة إشعارا قريبا ولم يسمع استعماله فيه شرعا ولا عرفا، ثم إن الشارح أتى في جميع هذه الكنايات بالمعنى الموقع للطلاق وترك الاحتمال الآخر لأن الأول هو المقصود (قوله: أو حرمتك) جملة فعلية، ويقرأ الفعل بتشديد الراء المفتوحة (قوله: ولو تعارفوه طلاقا) أي أن ما ذكر من قوله أنت علي حرام وما بعده كناية وإن اشتهر عندهم في الطلاق، وذلك لأن التحريم قد يكون بغير الطلاق.
وقوله خلافا للرافعي: أي حيث قال أنه صريح في الطلاق إن اشتهر.
وعبارة المنهاج: ولو اشتهر لفظ للطلاق كالحلال أو حلال الله علي حرام فصريح في الأصح.
قلت: الأصح انه كناية والله أعلم.
قال في التحفة: أي لأنه لم يتكرر في القرآن للطلاق ولا على لسان حملة الشريعة.
اه.
(قوله: ولو نوى تحريم عينها) أي نوى بقوله: أنت علي حرام وما بعده تحريم عينها أو فرجها أو وطئها أي أو رأسها أو رجلها ولم ينو به الطلاق (قوله: لم تحرم) أي لما روى النسائي أن ابن عباس سأله من قال ذلك فقال كذبت: أي ليست زوجتك عليك بحرام ثم تلا أول سورة التحريم.
اه.
تحفة (قوله: وعليه مثل كفارة يمين) أي وعلى من قال: أنت علي حرام ونوى تحريم عينها أو وطئها، أو نحو ذلك مثل