كما سبق، والمختار الجواز، وجزم في فتيا له أخرى بالجواز و (لا) فسخ بإعسار بنفقة ونحوها أو بمهر (قبل ثبوت إعساره) أي الزوج بإقرارة أو بينة تذكر إعساره الآن، ولا تكفي بينة ذكرت أنه غاب معسرا.
ويجوز للبينة اعتماد في الشهادة على استصحاب حالته التي غاب عليها من إعسار أو يسار، ولا تسئل من أين لك أنه معسر الآن، فلو صرح بمستنده بطلت الشهادة (عند قاض) أو محكم فلا بد من الرفع إليه فلا ينفذ ظاهرا ولا باطنا قبل ذلك ولا يحسب عدتها إلا من الفسخ.
قال شيخنا: فإن فقد قاض ومحكم بمحلها أو عجزت عن الرفع إلى القاضي.
كأن قال لا أفسخ حتى تعطيني مالا استقلت بالفسخ للضرورة وينفذ ظاهرا وكذا باطنا، كما هو ظاهر، خلافا
ــ
غائب تعذر تحصيل النفقة منه (قوله: والمختار الجواز) أي جواز الفسخ وهو ضعيف كما علمت (قوله: وجزم) أي ابن زياد، وقوله في فتيا له أخرى: أي غير هذه الفتيا التي اختار فيها الجواز، وقوله بالجواز: أي جواز الفسخ حينئذ (قوله: ولا فسخ بإعسار بنفقة إلخ) هذا كالتقييد لجواز الفسخ بالاعسار المار فكأنه قال محله إذا ثبت الاعسار وإلا لم يجز الفسخ (قوله: ونحوها) أي النفقة كالكسوة والمسكن (قوله: قبل ثبوت إلخ) الظرف متعلق بمحذوف خبر لا: أي لا فسخ كائن
قبل ثبوت الاعسار (قوله: بإقراره) متعلق بثبوت (قوله: أو بينة) معطوف على إقراره (قوله: تذكر) أي البينة في الشهادة، وقوله إعساره الآن: أي إذا أرادت البينة تشهد بالاعسار لا بد من أن نقول أنه معسر الآن سواء كانت معتمدة في ذلك على ما كان من إعساره حال الغيبة أم لا بدليل قوله ويجوز للبينة الخ (قوله: ولا تكفي إلخ) المقام للتفريع على قوله تذكر إعساره الآن: أي فلا تكفي بينة تذكر أنه غاب عنهم وهو معسر وذلك لاحتمال طرو الغنى له بعد غيبته والذي يظهر أن الاقرار ميل البينة فلا بد من إقراره بأنه معسر الآن.
فلو أقر بأنه كان معسرا فلا يكفي للعلة المذكورة (قوله: ويجوز للبينة الخ) يعني يجوز للبينة الاقدام على الشهادة بإعساره الآن اعتمادا على حالة الزوج التي غاب وهو متلبس بها وهي الاعسار ويقبلها القاضي وإن علم أنها إنما شهدت معتمدة على ما كان عليه.
وقوله أو يسار: الأولى إسقاطه، إذ الكلام في الاعسار (قوله: ولا تسئل إلخ) أي ولا يسأل القاضي البينة إذا شهدت بالاعسار ويقول لها من أين لك أنه معسر الآن؟ (قوله: فلو صرح بمستنده) أي فلو صرح الشاهد بمستنده في شهادته بإعساره الآن وهو استصحاب حالته التي غاب وهو متلبس بها، والأولى أن يقول فلو صرحت بمستندها بتأنيث الضمير العائد على البينة وقوله بطلت الشهادة في التحفة ما يقتضي تقييد البطلان بما إذا ذكرته على سبيل الشك لا على سبيل التقوية ونصها بعد كلام: بل لو شهدت بينة أنه غاب معسرا فلا فسخ ما لم تشهد بإعساره الآن وإن علم استنادها للاستصحاب أو ذكرته تقوية لا شكا كما يأتي.
اه.
وسيأتي للشارح مثل هذا في آخر فصل الشهادات نقلا عن ابن أبي الدم وعبارته هناك: وشرط ابن أبي الدم في الشهادات بالتسامع أن لا يصرح بأن مستنده الاستفاضة ومثلها الاستصحاب، ثم اختار، وتبعه السبكي وغيره، أنه إن ذكره تقوية لعلمه بأن جزم بالشهادة، ثم قال: مستندي الاستفاضة أو الاستصحاب سمعت شهادته وإلا فلا.
اه.
بحذف (قوله: عند قاض) متعلق بثبوت (قوله: أو محكم) قال في النهاية: بشرطه.
اه.
وكتب ع ش: قوله بشرطه، أي بأن يكون مجتهدا ولو مع وجود قاض أو مقلدا وليس في البلد قاضي ضرورة.
اه (قوله: فلا بد) أي في صحة الفسخ، وقوله من الرفع إليه: أي رفع أمرها إلى من ذكر من القاضي أو المحكم، ولا بد أيضا من ثبوت إعساره عنده (قوله: فلا ينفذ) أي الفسخ منها وهو مفرع على فلا بد الخ.
وقوله قبل ذلك: أي قبل الرفع إليه (قوله: ولا يحسب عدتها) أي إذا فسخت بالشروط المذكورة.
وقوله إلا من الفسخ: أي لا من الرفع للقاضي (قوله: قال شيخنا) أي في التحفة (قوله: فإن فقد قاض الخ) مفرع في كلامه على عدم جواز الفسخ حتى يثبت إعساره عند قاض أو محكم وقوله بمحلها: أي الزوجة، والجار والمجرور متعلق بفقد: أي فقد في محلها من ذكر (قوله: أو عجزت عن الرفع إلخ) أي أو لم يفقد القاضي أو
المحكم لكن عجزت عن الرفع.
وقوله إلى القاضي: أي أو المحكم.
ولو قال أو عجزت عن الرفع إليه بالضمير العائد على من ذكر من القاضي والمحكم لوفى بالمراد وسلم من الاظهار في محل الاضمار، والمراد بالعجز الشرعي لان العجز الحسي، وهو الفقد، قد ذكره بقوله فإن فقد قاض (قوله: كأن قال الخ) تمثيل للعجز عن الرفع ويمثل أيضا بما إذا فقد