إمهال) أي تكون الاستتابة والقتل حالا لخبر البخاري: من بدل دينه فاقتلوه، فإذا أسلم صح إسلامه وترك وإن تكررت ردته لاطلاق النصوص.
نعم يعزر من تكررت ردته لا في أول مرة إذا تاب، خلافا لما زعمه جهلة القضاة.
تتمة: إنما يحصل إسلام كل كافر أصلي أو مرتد بالتلفظ بالشهادتين من الناطق فلا يكفي ما بقلبه من
الايمان، وإن قال به الغزالي وجمع محققون ولو بالعجمية، وإن أحسن العربية على المنقول المعتمد، لا بلغة
ــ
الروض وشرحه، ولو سأل المرتد قبل الاستتابة أو بعدها إزالة شبهة عرضت له نوظر بعد إسلامه لا قبله لانه الشبهة لا
تنحصر فحقه أن يسلم ثم يستكشفها من العلماء، وهذا ما صححه الغزالي.
وفي وجه يناظر أولا لان الحجة مقدمة على السيف.
اه (قوله: ثم إن لم يتب) أي المرتد وقوله بعد الاستتابة: أي طلب التوبة منه (قوله: قتل) أي كفرا لا حدا فلا يجب غسله ولا تكفينه ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين لخروجه عنهم بالردة (قوله: أي قتله الحاكم) فلو قتله غيره عزر لافتياته على الامام، ومحله إذا كان المرتد حرا، فإن كان رقيقا جاز للسيد قتله في الأصح لأنه ملكه فله فعل ما يتعلق به من تأديب ونحوه (قوله: بضرب الرقبة) متعلق بقتل: أي قتل بضرب رقبته بسيف.
(وقوله لا بغيره) أي غير ضرب الرقبة بسيف كإحراق وتغريق وذلك لخبر إذا قتلتم فأحسنوا القتلة (قوله: بلا إمهال) متعلق بكل من قوله يستتاب.
(وقوله: قتل) كما يدل عليه: تفسيره بعد (قوله: لخبر البخاري الخ) دليل للقتل حالا (قوله: فإذ أسلم الخ) الأولى تقديمه على قوله ثم إن لم يتب الخ لأنه مفرع على الاستتابة: أي فإذا امتثل أمر الامام وتاب بأن عاد إلى الإسلام صح إسلامه وترك.
(وقوله: وإن تكررت ردته) غاية لصحة إسلامه إذا أسلم.
(وقوله: لاطلاق النصوص) راجع للغاية: أي تقبل توبته وإن تكررت منه الردة لاطلاق النصوص كقوله تعالى: * (قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف) * وكخبر فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم (قوله: نعم يعزر من تكررت ردته) استدراك من صحة إسلامه إذا تكررت منه الردة: أي يصح إسلامه مع تكررها لكنه يعزر لزيادة تهاونه بالدين، (وقوله: لا في أول مرة) عطف على محذوف: أي فيعزر في المرة الثانية والثالثة لا في أول مرة أما فيها فلا يعزر (وقوله: إذا تاب) متعلق بيعزر (قوله: خلافا لما زعمه جهلة القضاة) أي من تعزيره في أول مرة.
وعبارة التحفة: ولا يعزر مرتد تاب على أول مرة خلافا لما يفعله جهلة القضاة.
اه.
(قوله: تتمة) أي في بيان ما يحصل به الاسلام مطلقا على الكافر الاصلي وعلى المرتد (قوله: إنما يحصل إسلام إلخ) عبارة التحفة ولا بد في الاسلام مطلقا وفي النجاة من الخلود في النار كما حكى عليه الاجماع في شرح مسلم من التلفظ بالشهادتين الخ (قوله: بالتلفظ بالشهادتين) متعلق بيحصل وإنما توقف صحة الاسلام عليه لان التصديق القلبي أمر باطني لا اطلاع لنا عليه فجعله الشارع منوطا بالنطق بالشهادتين الذي مدار الاسلام عليه (وقوله: من الناطق) خرج به الاخرس فلا يطالب بالنطق، بل إذا قامت قرينة على إسلامه كالاشارة كفى في حصول الاسلام (قوله: فلا يكفي ما بقلبه من الإيمان) أي في إجراء أحكام المؤمنين في الدنيا عليه بناء على ن النطق شرط في الايمان أو في النجاة من النار بناء على أنه شطر منه.
والحاصل: اختلف في النطق بالشهادتين: هل هو شرط في الايمان لاجل إجراء الاحكام عليه أو شطر منه، أي
جزء منه، فذهب إلى الاول محققو الاشاعرة والماتريدية وغيرهم.
ويترتب عليه أن من صدق بقلبه ولم يقر بلسانه فهو مؤمن عند الله غير مؤمن في الاحكام الدنيوية، ومن أقر بلسانه ولم يصدق بقلبه كالمنافق فهو مؤمن في الاحكام الدنيوية غير مؤمن عند الله، وذهب إلى الثاني قوم محققون كالامام أبي حنيفة وجماعة من الاشاعرة، وعليه فيكون الايمان عند هؤلاء اسما لعملي القلب واللسان جميعا وهما التصديق والاقرار، ويترتب عليه أن من صدق بقلبه ولم يتفق له الاقرار
(١) سورة الانفال، الاية: ٣٨.