تعالى عن عبد مملوك عصى سيده وخالف أمره ولم يخدمه خدمة مثله.
هل لسيده أن يضربه ضربا غير مبرح أم ليس له ذلك؟ وإذا ضربه سيده ضربا مبرحا، ورفع به إلى أحد حكام الشريعة، فهل للحاكم أن يمنعه عن الضرب المبرح أم ليس له ذلك؟ وإذا منعه الحاكم مثلا ولم يمتنع، فهل للحاكم أن يبيع العبد ويسلم ثمنه إلى سيده أم ليس له ذلك؟ وبماذا يبيعه، بمثل الثمن الذي اشتراه به سيده، أو بما قاله المقومون، أو بما انتهت إليه الرغبات في الوقت؟ (فأجاب) إذا امتنع العبد من خدمة سيده الخدمة الواجبة عليه شرعا فللسيد أن يضربه على الامتناع ضربا غير مبرح إن أفاد الضرب المذكور، وليس له أن يضربه ضربا مبرحا، ويمنعه الحاكم من ذلك، فإن لم يمتنع من الضرب المذكور فهو كما لو كلفه من العمل ما لا يطيق، بل أولى إذ الضرب المبرح ربما يؤدي إلى الزهوق بجامع التحريم.
وقد أفتى القاضي حسين بأنه إذا كلف مملوكه ما لا يطيق أنه يباع عليه بثمن
ــ
قد يؤدي إلى الهلاك، ومنه يؤخذ حد المبرح بأنه ما خشي منه هلاك ولو نادرا.
اه.
(وقوله: وغيره لا يفيد) أي ولان غير المبرح لا يفيد شيئا فلا حاجة إليه.
(قوله: وسئل شيخنا الخ) تأييد لقوله وإنما يعزر من مر بضرب غير مبرح الخ (قوله: عن عبد مملوك) متعلق بسئل (قوله: عصى) أي العبد (قوله: وخالف أمره إلخ) هذا هو معنى العصيان.
فلو قال بأن خالف أمره ولم يخدمه الخ لكان أولى (قوله: هل لسيده إلخ) هذه صورة السؤال (قوله: أن يضربه) أي عبده المذكور (قوله: أم ليس له ذلك) أي أم ليس له أن يضربه ضربا غير مبرح (قوله: وإذا ضربه) أي العبد العاصي (قوله: ورفع به) أي رفع العبد أو غيره بسبب ضربه المبرح: أي شكا سيده، فالفعل مبني للمجهول، والجار والمجرور نائب فاعله (قوله: فهل للحاكم أن يمنعه) أي السيد (قوله: أم ليس له ذلك) أي أم ليس للحاكم أن يمنعه عن ذلك (قوله: وإذا منعه الحاكم) أي عن الضرب المبرح، وقوله مثلا: أي أو نائبه (قوله: ولم يمتنع) أي السيد عن الضرب المبرح (قوله: فهل للحاكم أن يبيع العبد ويسلم ثمنه الخ) لم يجب عن هذه المسألة بالصراحة، وإن كان يعلم بالمفهوم من قوله أنه يباع عليه: أي يبيعه قهرا عليه، والذي يبيع كذلك هو الحاكم.
ومن المعلوم أن المبيع ملك للسيد، وقيمته كذلك، فيسلمها الحاكم له (قوله: وبماذا يبيعه) أي وإذا أراد بيعه فبأي شئ يبيع العبد به، فما ركبت مع ذا وجعلتا كلمة واحدة، ويحتمل عدم التركيب، فتكون ما إستفهامية، وذا موصولة بدل من ما والعائد محذوف: أي وبما الذي يبيعه به والاظهر الاول (قوله: بمثل الثمن) بدل من الجار والمجرور قبله، والقياس ذكر أداة الاستفهام قبله لتضمن المبدل منه معنى همزة الاستفهام عملا بقول ابن مالك: وبدل المضمن الهمز يلي همزا، كمن ذا؟ أسعيد أم على؟ (قوله: أو بما قاله المقومون) أي أو يبيعه بما يقوله المقومون: أي للسلع (قوله: أو بما انتهت إلخ) أي أو يبيعه بما انتهت: أو وصلت إليه الرغبات في وقت البيع (قوله: فأجاب) أي العلامة عبد الرحمن بن زياد رحمه الله (قوله: إذا امتنع الخ) إذا شرطية جوابها جملة فللسيد الخ.
(وقوله: الخدمة الواجبة عليه) أي على العبد.
(وقوله: أن يضربه على الامتناع) أي من الخدمة المذكورة.
(وقوله: ضربا غير مبرح) مفعول مطلق مبين للنوع.
(وقوله: إن أفاد الضرب المذكور) هو غير المبرح (قوله: وليس له أن يضربه ضربا مبرحا) مقابل قوله فللسيد أن يضربه ضربا غير مبرح (قوله: ويمنعه) أي السيد (قوله: من ذلك) أي من الضرب المبرح (قوله: فإن لم يمتنع) أي السيد.
(قوله: من الضرب المذكور) هو المبرح، وفيه إظهار في مقام الاضمار (قوله: فهو) أي السيد: أي حكمه (قوله: كما لو كلفه من العمل ما لا يطيق) أي كحكم السيد الذي كلف رقيقه من العمل ما لا يطيق، وسيذكره قريبا.
(وقوله: بل أولى) أي بل هذا الذي لم يمتنع من الضرب المذكور، أولى من الذي كلف رقيقه ما ذكر بالحكم الذي سيذكر (قوله: إذا الضرب الخ) علة
للاولية (قوله: بجامع التحريم) أي في كل من الضرب المبرح، ومن التكليف بما لا يطاق، وهذا بيان لوجه الشبه في