اختفى بمنكر لا يتدارك كالقتل والزنا لزمه ذلك.
ولو توقف الانكار على الرفع للسلطان لم يجب لما فيه من هتك حرمة وتغريم مال.
قاله ابن القشيري.
قال شيخنا: وله احتمال بوجوبه إذا لم ينزحر إلا به هو الاوجه، وكلام الروضة وغيرها صريح فيه.
انتهى.
(وتحمل شهادة) على أهل له حضر إليه المشهود عليه أو طلبه إن عذر
ــ
(قوله: وليس لاحد البحث الخ) قال سيدنا الحبيب عبد الله الحداد في نصائحه الدينية.
واعلم، أنه ليس بواجب على أحد أن يبحث عن المنكرات المستورة، حتى ينكرها إذا رآها، بل ذلك محرم لقوله تعالى: * (ولا تجسسوا) * ولقول النبي عليه السلام: من يتتبع عورة أخيه يتتبع الله عورته الحديث، وإنما الواجب هو الامر بالمعروف عندما ترى التاركين له في حال تركهم، والانكار للمنكر كذلك، فاعلم هذه الجملة فإنا رأينا كثيرا من الناس يغلطون فيها.
ومن المهم أن لا تصدق ولا تقبل كل ما ينقل إليك من أفعال الناس وأقوالهم المنكرة، حتى تشاهد
ذلك بنفسك أو ينقله إليك مؤمن تقي لا يجازف ولا يقول إلا الحق، وذلك لان حسن الظن بالمسلمين أمر لازم، وقد كثرت بلاغات الناس بعضهم على بعض، وعم التساهل في ذلك، وقلت المبالاة، وارتفعت الامانة، وصار المشكور عند الناس من وافقهم على أنفسهم - وإن كان غير مستقيم لله - والمذموم عندهم من خالفهم - وإن كان عبدا صالحا - فتراهم يمدحون من لا يستأهل المدح لموافقته إياهم، وسكوته على باطلهم، ويذمون من يخالفهم وينصحهم في دينهم.
هذا حال الاكثر إلا من عصم الله، فوجب الاحتراز والتحفظ والاحتياط في جميع الأمور، فإن الزمان مفتون، وأهله عن الحق ناكبون، إلا من شاء الله منهم - وهم الاقلون - اه (قوله: والتجسس) هو البحث عما ينكتم عنك من عيوب المسلمين وعوراتهم، فحينئذ عطفه على البحث مرادف.
(قوله: واقتحام الدور) أي الدخول فيها من غير إذن صاحبها.
(قوله: بالظنون) متعلق بكل من المصادر السابقة.
(قوله: نعم إلخ) استدراك من قوله ليس لاحد الخ.
لانه يوهم أنه ليس له ذلك، ولو أخبره ثقة بشخص اختفى بمنكر الخ، مع أنه ليس كذلك، فدفع هذا الايهام بالاستدراك المذكور.
(قوله: بمن اختفى بمنكر الخ) أي لارادة فعل منكر لا يتدارك لو فعل كالقتل والزنا، فإنه لا يمكن تداركهما بعد حصولهما، بخلاف ما يتدارك كالغصب والسرقة فلا يلزمه فيه ذلك، فإنه يمكن تدارك المغصوب بعد غصبه، والمسروق بعد سرقته.
(قوله: لزمه ذلك) أي ما ذكر من البحث والتجسس واقتحام الدور.
(قوله: ولو توفق الانكار) أي للمنكر: أي إزالته.
(وقوله: على الرفع للسلطان) متعلق بتوقف.
(قوله: لم يجب) أي الرفع إلى السلطان.
(قوله: لما فيه) أي في الرفع.
(وقوله: من هتك حرمة) أي من كشف وفضيحة حرمة المرتكب، وقد أمرنا بسترها ما أمكن.
(وقوله: وتغريم مال) أي تغريم السلطان المرتكب مالا، وهذا إن كان المنكر الذي ارتكبه فيه تغريم ماله، أو كان السلطان جائرا يأخذ مالا نكالا.
(قوله: وله) أي لابن القشيري، (وقوله: احتمال بوجوبه) أي الرفع للسلطان.
(وقوله: إذا لم ينزجر) أي مرتكب المنكر إلا بالرفع إليه (قوله: وهو) أي هذا الاحتمال الاوجه.
(قوله: صريح فيه) أي في هذا الاحتمال.
تتمة: يجب على الإمام أن ينصب محتسبا يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وإن كانا لا يختصان بالمحتسب، فيتعين عليه الامر بصلاة الجمعة إذا اجتمعت شروطها، وكذا بصلاة العيد وإن قلنا إنها سنة.
فإن قيل: قال الامام: معظم الفقهاء على أن الامر بالمعروف في المستحب مستحب، وهنا مستحب.
أجيب: بأن محله في غير المستحب، ولا يقاس بالوالي غيره، ولهذا لو أمر الامام بصلاة الاستسقاء أو صومه صار واجبا، ولا يأمر المخالفين له في المذهب بما لا يجوزونه، ولا ينهاهم عما يرونه فرضا عليهم أو سنة لهم.
اه.
مغني.
(قوله: وتحمل شهادة) أي وكتحمل شهادة أو قيام بتحمل شهادة فيجري عليه ما مر من العطف على قيام، أو على حجج، فهو من فروض الكفاية.
(قوله: على أهل له) أي للتحمل: أي بأن يكون مكلفا حرا ذا مروءة وعدالة.
(قوله:
(١) سورة الحجرات، الاية: ١٢.
حاشية إعانة الطالبين ج ٤ م ١٤