إحدى الحسنيين: الشهادة والفوز بالغنيمة مع الاجر، والكافر يقاتل على الفوز بالدنيا فقط.
أما إذا زادوا
على المثلين كمائتين وواحد عن مائة فيجوز الانصراف مطلقا.
وحرم جمع مجتهدون الانصراف مطلقا إذا بلغ المسلمون اثني عشر ألفا لخبر: لن يغلب إثنا عشر ألفا من قلة وبه خصت الآية.
ويجاب بأن المراد من الحديث أن الغالب على هذا العدد الظفر فلا تعرض فيه لحرمة فرار ولا لعدمها - كما هو واضح - وإنما يحرم الانصراف إن قاومناهم إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة يستنجد بها على العدو ولو بعيدة (ويرق ذراري كفار) وعبيدهم ولو مسلمين كاملين (بأسر) كما يرق حربي مقهور لحربي بالقهر أي يصيرون بنفس الاسر أرقاء لنا ويكونون كسائر أموال الغنيمة.
ودخل في الذراري الصبيان والمجانين والنسوان ولا حد إن وطئ غانم أو أبوه أو
ــ
أن المسلمين يقاتلون على إحدى الحسنيين: إما الفوز بالشهادة إن قتلوا، وإما الفوز والظفر بالغنيمة مع حصول الاجر إن لم يقتلوا.
وأما الكفار فإنما يقاتلون على الفوز والظفر بالدنيا فقط، فكان الحاصل للمسلمين بسبب الجهاد ضعف ما هو حاصل للكفار، فوجب عليهم أن يصبروا على ملاقاة ضعفهم من الكفار.
(قوله: أما إذا زادوا إلخ) مفهوم قوله إذا لم يزيدوا على مثلينا.
(وقوله: كمائتين وواحد عن مائة) قد علمت أن العبرة بالمقاومة وعدمها، لا بالعدد.
فلا تغفل.
(قوله: فيجوز الانصراف) أي عن الصف (وقوله: مطلقا) أي غلب على الظن الهلاك أم لا، بلغوا اثني عشر ألفا أم لا.
(قوله: وحرم جمع مجتهدون الانصراف مطلقا) أي زادوا على مثلينا أم لا.
(وقوله: إذا بلغ إلخ) قيد في الحرمة.
(قوله: لخبر إلخ) علة للحرمة.
(وقوله: لن يغلب) بالبناء للمجهول ونائب فاعله ما بعده.
(وقوله: من قلة متعلق به) أي
لن يغلب جيش جيشا بلغ اثني عشر ألفا من أجل قلته، بل هو إذا بلغ هذا المقدار فهو كثير ولا يعد قليلا، فيفهم الخبر حينئذ أنه لا يجوز الانصراف لانهم كثير.
(قوله: وبه خصت الآية) أي وبهذا الخبر خصت الآية السابقة المقتضية أن المسلمين إنما يقاتلون الضعف ولو زادوا على اثني عشر ألفا، فيقال أن محل ذلك ما لم يبلغ المسلمون هذا المقدار، فإن بلغوه قاتلوا مطلقا ولو زاد الكفار على ضعفهم.
(قوله: أن الغالب على هذا العدد) أي الذي في الحديث.
(وقوله: الظفر) أي بالاعداد ولو زاد الكفار على ضعفهم.
(قوله: فلا تعرض فيه) أي في الحديث، وهذا هو محط الجواب.
(قوله: كما هو) أي كون المراد منه ما ذكر واضح.
(قوله: وإنما يحرم الانصراف) أعاده لأجل الاستثناء بعده وإلا فهو مصرح به فيما قبل.
ولو قال ومحل حرمة الانصراف إذا لم يكن متحرفا الخ، لكان أولى وأخصر.
(وقوله: إن قاومناهم) المناسب لعبارته أن يقول أن لم يزيدوا على مثلينا.
(قوله: إلا متحرفا لقتال إلخ) استثناء من عموم الأحوال: أي يحرم إنصراف المسلم عن الصف في جميع الأحوال، إلا في حالة كونه متحرفا لقتال: أي مائلا عن محله ومنتقلا عنه، لاجل مصلحة القتال، بأن كان قصد به الانتقال لمكان أرفع من مكانه، أو أصوب منه، ليكمن من العدو، أو في حالة كونه متحيزا: أي ذاهبا إلى فئة من المسلمين يستنجد بها: أي يستنصر بها على العدو فلا يحرم.
(قوله: ولو بعيدة) أي ولو كانت الفئة التي قصدها بعيدة.
(قوله: ويرق إلخ) شروع في بيان ما يفعل بالاسرى.
(وقوله: ذراري) جمع ذرية وهم الصغار.
قال في المصباح: الذرية فعلية من الذر وهم الصغار، وتجمع على ذريات، وقد تجمع على ذراري، وقد أطلقت الذرية على الآباء مجازا.
اه.
(قوله: وعبيدهم) أي ويرق عبيدهم.
قال في شرح المنهج: والمراد برق العبيد إستمراره لا تجديده.
اه.
وقيل إن الرق الذي فيهم يزول بالاسر، ويخلفه رق آخر لنا، ومثلهم المبعضون بالنسبة لبعضهم الرقيق، ويأتي في بعضهم الحر التخير بين المن والفداء والاسترقاق، لا القتل تغليبا لحقن الدم.
(وقوله: ولو مسلمين) غاية في رق العبيد، أي يرق عبيدهم ولو كانوا مسلمين كاملين.
(قوله: بأسر) متعلق بيرق، والمراد به الاستيلاء والقهر.
(قوله: كما يرق حربي مقهور لحربي بالقهر) الكاف للتنظير في كون الحربي إذا قهر حربيا آخر أسترقه بذلك.
(قوله: أي يصيرون الخ) تفسير مراد لارقاق الذراري والعبيد بالاسر.
(قوله: ويكونون) أي الذين استرقوا بالاسر.
(وقوله: كسائر أموال الغنيمة) أي فيخمسون الخمس لاهله والباقي للغانيمن، لانه - صلى الله عليه وسلم - كان يقسم السبي كما