فعل الصلاة، كما في ركعتي التحية والوضوء والاستخارة، وكذا صلاة الاوابين، على ما قاله شيخنا ابن زياد والعلامة السيوطي رحمهما الله تعالى.
والذي جزم به شيخنا في فتاويه أنه لا بد فيها من التعين كالضحى.
(و) تجب (نية فرض فيه) أي في الفرض، ولو كفاية أو نذرا، وإن كان الناوي صبيا، ليتميز عن النفل.
(كأصلي فرض الظهر) مثلا، أو فرض الجمعة، وإن أدرك الامام في تشهدها.
(وسن) في النية (إضافة إلى الله) (تعالى)، خروجا من خلاف من أوجبها، وليتحقق معنى الاخلاص.
(وتعرض لاداء أو قضاء) ولا يجب وإن
ــ
تمثيل لذات السبب.
(قوله: أما النفل المطلق) محترز قوله: غير مطلق.
(قوله: كما في ركعتي التحية الخ) الكاف للتنظير لا للتمثيل للنفل المطلق.
أي يكفي في النفل المطلق نية فعل الصلاة، كما يكفي ذلك في ركعتي التحية إلخ.
وقد مر ما يؤيده ذلك.
(قوله: وكذا صلاة الأوابين) أي ومثل ركعتي التحية صلاة الأوابين، فلا يحتاج إلى تعيين.
وهي - كما سيأتي - عشرون ركعة بين المغرب والعشاء.
ورويت: ستا، وأربعا، وركعتين، وهما الأقل.
(قوله: والذي جزم به شيخنا في فتاويه) عبارتها بعد كلام طويل: بل ينوي بهما سنة الغفلة أو سنة صلاة الأوابين، فإن أطلق وقعتا نافلة مطلقة فلا يثاب عليهما إلا من حيث مطلق الصلاة دون خصوصها.
اه.
(قوله: أنه لا بد فيها) أي في صلاة الأوابين.
أي في حصول خصوص ثوابها.
(وقوله: كالضحى) ليس في عبارة الفتاوي، لكن تشبيه صلاة الأوابين بها له وجه، وذلك لأن كلا منهما من السنن المؤقتة، بخلاف تشبيهها بتحية المسجد فليس له وجه، لأن تحية المسجد من ذات السبب وصلاة الأوابين من المؤقتة كما علمت.
(قوله: وتجب نية فرض) أي ملاحظته وقصده.
فيلاحظ ويقصد كون الصلاة فرضا.
قال السيوطي في الأشباه والنظائر: العبادات في التعرض للفرضية على أربعة أقسام: ما يشترط فيه بلا خلاف، وهو الكفارات.
وما لا يشترط فيه بلا خلاف، وهو الحج والعمرة والجماعات.
وما يشترط فيه على الأصح، وهو الغسل والصلاة والزكاة بلفظ الصدقة.
وما لا يشترط فيه على الأصح وهو الوضوء والصوم والزكاة بلفظها والخطبة.
اه.
(قوله: ولو كفاية أو نذرا) غاية أولى لوجوب نية الفرض.
أي تجب نية الفرض، ولو كان فرض كفاية أو كان نذرا.
(قوله: وإن كان الناوي صبيا) غاية ثانية لوجوب ما ذكر.
وخالف الجمال الرملي واعتمد عدم اشتراط نية الفرضية في حقه، وعلله
بوقوع صلاته نفلا، فكيف ينوي الفرضية؟ واعتمد ابن حجر الاشتراط، وقال: المراد بالفرض في حقه صورته، أو حقيقته في الأصل لا في حقه.
ويؤيد ذلك أنه لا بد من القيام في صلاته وإن كانت نفلا.
(قوله: ليتميز عن النفل) تعليل لوجوب نية الفرض.
قال الكردي: أي لأن قصد الفعل والتعيين من حيث هو موجود - إن في النفل - فزيد في الفرض نية الفرضية ليحصل له تمييز عن النفل ورتبة.
اه.
(قوله: كأصلي فرض الظهر) أي كأن يقصد بقلبه ذلك وإن لم ينطق به.
وهذا المثال جامع للثلاثة: قصد الفعل، والتعيين، ونية الفرضية.
ومثله أصلي الظهر فرضا.
(قوله: أو فرض الجمعة) أي: أو كأصلي فرض الجمعة.
(قوله: وإن أدرك الإمام في تشهدها) أي ينوي فرض الجمعة وإن أدرك الإمام في التشهد، ويتمها حينئذ ظهرا.
وفيه اللغز المشهور وهو: نوى ولا صلى، وصلى ولا نوى.
أي: نوى الجمعة ولا صلاها، وصلى الظهر ولا نواها.
(قوله: وسن في النية إضافة إلى الله تعالى) أي استحضارها في ذهنه.
والمراد بها الإضافة اللغوية، وهي الإسناد.
أي يسن أن يسند ما نواه إلى الله تعالى، أي يلاحظ ذلك.
وإنما لم تجب الإضافة لأنها في الواقع لا تكون إلا لله تعالى.
(قوله: وليتحقق معنى الإخلاص) تعليل ثان لسنية الإضافة.
وجعله في المغني تعليلا لوجوب الإضافة، وعبارته: وقيل: تجب ليتحقق معنى الإخلاص.
ومثله في النهاية، والكل صحيح لأن تحقق معنى الإخلاص، كما يصلح أن يكون تعليلا لوجوبها يصلح أن يكون تعليلا لسنيتها.
والإخلاص كما ورد في الخبر: العمل لله وحده.
والكامل منه إفراد الحق تعالى في الطاعة بالقصد.
ومراتبه ثلاث: عليا، وهي أن يعمل لله وحده امتثالا لأمره وقياما بحق عبوديته.
ووسطى، وهي أن يعمل لثواب الآخرة.
ودنيا، وهي أن يعمل للإكرام في الدنيا والسلامة من آفاتها.
وما عدا ذلك رياء وإن تفاوتت أفراده.
قال الشيخ زين الدين - جد المؤلف - في هداية الأذكياء: