(فأجاب) نفعنا الله به: نعم يثبت ضمنا بلوغ من شهدن بولادتها كما يثبت النسب ضمنا بشهادة النساء بالولادة فيجوز تزويجها بإذنها للحكم ببلوغها شرعا.
اه.
فرع: لو أقامت شاهدا بإقرار زوجها بالدخول كفى حلفها معه ويثبت المهر أو أقامه هو على إقرارها به لم يكف الحلف معه لان قصده ثبوت العدة والرجعة وليسا بمال (وشرط في شاهد تكليف وحرية ومروءة وعدالة) وتيقظ فلا تقبل من صبي ومجنون ولا ممن به رق لنقصه ولا من غير ذي مروءة لانه لا حياء له ومن لا حياء له يقول
ما شاء وهي توقى الادناس عرفا فيسقطها الاكل والشرب في السوق والمشي فيه كاشفا رأسه أو بدنه لغير سوقي
ــ
ثبوت بلوغ نفسها) أي إلا بعد أن تثبت بلوغها بنفسها برجلين.
(قوله: نعم يثبت ضمنا) أي تبعا للولادة (وقوله: من شهدن) بنون النسوة.
(قوله: كما يثبت النسب) أي تبعا للولادة، كما تقدم في عبارة التحفة.
(قوله: فيجوز تزويجها إلخ) مفرع على ثبوت البلوغ بولادتها.
(قوله: لو أقامت شاهدا إلخ) أي إذا ادعت دخوله عليها ليستقر المهر كلها، وأنكر الزوج ليتشطر المهر، فأقامت شاهدا على أنه أقر بأنه دخل عليها، كفى حلفها مع ذلك الشاهد.
لان القصد المال وما كان القصد منه ذلك يكفي فيه شاهد ويمين كما مر.
(وقوله: ويثبت المهر) أي كله بذلك.
(قوله: أو أقامه إلخ) أي إذا ادعى دخوله عليها لتثبت العدة إذا طلقها، والرجعة إذا كان رجعيا، وأنكرته هي لئلا يكون عليها عدة، ولا تثبت له الرجعة، لان الطلاق قبل الوطئ لا عدة فيه ولا رجعة.
وأقام شاهدا على إقرارها بالدخول فلا يكون الحلف معه، لانه ليس القصد المال
بل العدة والرجعة، وما كان كذلك لا بد فيه من رجلين كما مر.
(قوله: وشرط في شاهد إلخ) شروع في بيان شروط الشاهد، وذكر منها هنا خمسة شروط، وسيذكر ثلاثة وهي عدم التهمة، والابصار والسمع في المبصرات والمسموعات، وسيذكر محترزات الجميع، وبقي عليه في الشروط الاسلام والنطق، والرشد، فلا تقبل الشهادة من كافر ولو على مثله، لانه أخس الفساق، ولقوله تعالى: * (واستشهدوا شهدين من رجالكم) * وقوله تعالى: * (وأشهدوا ذوي عدل منكم) *.
والكافر ليس من رجالنا وليس بعدل، وأما خبر: لا تقبل شهادة أهل دين على غيرهم إلا المسلمون فإنهم عدول على أنفسهم وعلى غيرهم فضعيف، وأما قوله تعالى: * (أو آخران من غيركم) * فمعناه من غير عشيرتكم، أو منسوخ بقوله تعالى: * (وأشهدوا ذوي عدل منكم) *.
ولا من أخرس وإن فهم إشارته كل أحد فلا يعتد بشهادته بها، كما لا يحنث فيما لو حلف لا يتكلم ولا تبطل صلاته بها، فهي لاغية في هذه الابواب الثلاثة، ومعتبرة في غيرها، ولا من محجور عليه بسفه لنقصه.
(واعلم) أن هذه الشروط يعتبر وجودها في الشاهد عند التحمل، والاداء في النكاح لتوقف صحته على الشهود، وعند الاداء فقط في غيره، فيجوز أن يتحملها وهو غير كامل، ثم يؤديها وهو كامل.
(قوله: فلا تقبل من صبي) أي لقوله تعالى: * (من رجالكم) *.
والصبي ليس من رجالنا فلا تقبل شهادته ولو لمثله أو عليه، خلافا للامام مالك رضي الله عنه حيث قبل شهادة الصبيان فيما يقع بينهم من الجراحات ما لم يتفرقوا.
(وقوله: ومجنون) أي فلا تقبل شهادته بالاجماع.
(قوله: ولا ممن به رق) أي ولا تقبل الشهادة ممن فيه رق كسائر الولايات، إذ في الشهادة نفوذ قول على الغير، وهو نوع ولاية.
ولانه مشغول بخدمة سيده فلا يتفرغ لتحمل الشهادة ولا لادائها.
اه.
شرح الروض.
(قوله: ولا من غير ذي مروءة) أي ولا تقبل الشهادة من غير صاحب مروءة، وهي - بضم الميم - لغة: الاستقامة، وشرعا ما سيذكره.
(قوله: لأنه) أي غير صاحب مروءة، لا حياء له.
(قوله: ومن لا حياء له يقول ما شاء) أي لقوله - صلى الله عليه وسلم -: إذا لم تستح فاصنع ما شئت.
(قوله: وهي) أي المروءة شرعا، ومعناها لغة ما تقدم.
(وقوله: توقي الادناس) أي التحرز من كل دنس، أي خسيس لا إثم فيه.
أو فيه إثم كسرقة لقمة.
(وقوله: عرفا) راجع
(١) سورة البقرة، الاية: ٢٨٢.
(٢) سورة الطلاق، الاية: ٢.
(٣) سورة المائدة، الاية: ١٠٦.