- ولو نحو إشارة - غيرك المحصور المعين ولو عند بعض المخاطبين بما يكره عرفا.
واللعب بالشطرنج بكسر
ــ
أن فتاتين ظلتا صائمتين فأعرض عنه أربع مرات وهو يكرر عليه ذلك، ثم قال: إنهما لم يصوما.
وكيف صام من ظل هذا اليوم يأكل لحوم الناس؟ إذهب فمرهما إن كانتا صائمتين فلتتقيآ، فرجع إليهما وأخبرهما فقاءت كل واحدة علقة من دم، فرجع إليه - صلى الله عليه وسلم - فأخبره فقال: والذي نفسي بيده لو بقيتا في بطونهما لاكلتهما النار.
وفي رواية: فقال لاحداهما قيئي، فقاءت قيحا ودما وصديدا ولحما حتى ملات نصف القدح، ثم قال للاخرى قيئي، فقاءت من قيح ودم وصديد ولحم عبيط وغيره حتى ملات القدح، ثم قال: إن هاتين صامتا عما أحل الله لهما وأفطرتا على ما حرم الله عليهما، جلست إحداهما إلى الاخرى فجعلتا تأكلان من لحوم الناس.
(قوله: محمول على غيبة أهل العلم وحملت القرآن) أي لشدة إحترامهم.
(قوله: لعموم البلوى بها) أي وإنما حمل الاجماع على ذلك ولم يبق على إطلاقه لعموم البلوى بالغيبة، فيحصل حرج عظيم لو لم يحمل عليه.
(قوله: وهي) أي الغيبة، وهو بيان لحدها، وقد بينها عليه السلام في قوله: هل تدرون ما الغيبة؟ قالوا الله ورسوله أعلم.
قال: ذكرك أخاك بما يكرهه.
قال: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته.
قال في الزواجر: وذكر الاخ في الحديث كالآية للعطف والتذكير بالسبب الباعث على أن الترك متأكد في حق المسلم أكثر، لانه أشرف وأعظم حرمة.
اه.
(وقوله: ذكرك) المراد بالذكر التعرض بالايذاء بدليل الغاية بعده.
(وقوله: ولو بنحو إشارة) دخل تحت نحو الغمز والكتابة والتعرض، كأن يذكر عنده غيره فيقول الحمد لله الذي ما ابتلانا بقلة الحياء، أو بالدخول على السلاطين، وليس قصده بدعائه إلا أن يفهم عيب ذلك الغير، ومثله كل ما يتوصل به إلى فهم المقصود كأن يمشي مشيته، بل قال الغزالي إن هذا أعظم لانه أبلغ من التصريح والتفهيم وأنكى للقلب.
(قوله: غيرك) مفعول ذكر المضاف لفاعله، والمراد به لغير ما يعم المسلم والذمي.
وسئل: الغزالي رحمه الله تعالى عن غيبة الكافر.
فقال: هي في حق المسلم محذورة لثلاثة علل: الايذاء، وتنقيص ما خلقه الله تعالى، وتضييع الوقت بما لا يعني.
والاولى تقتضي التحريم، والثانية الكراهة، والثالثة خلاف
الاولى.
وأما الذمي فكالمسلم فيما يرجع إلى المنع من الايذاء، لان الشرع عصم دمه وعرضه وماله، وأما الحربي فليس بمحرم على الاولى، ويكره على الثانية والثالثة.
وأما المبتدع فإن كفر فكالحربي، وإلا فكالمسلم.
(وقوله: المحصور المعين) لو اقتصر على القيد الثاني لكان أولى، لأنه يفيد مفاد الاول وزيادة.
وخرج بذلك غير المعين كأن يذم البخلاء، أو المتكبرين، أو المرائين، ويتعرض لهم بالتنقيص من غير تعيين أحد منهم، فهذا لا يعد غيبة.
(قوله: بما يكره) متعلق بذكرك: أي أن تذكره بشئ يكرهه سواء كان في بدنه كقصير وأسود وغير ذلك، أو في نسبه كأبوه إسكافي، أو في خلقه كسئ الخلق عاجز ضعيف، أو في فعله الديني ككذاب، أو متهاون بالصلاة، أو لا يحسنها، أو الدنيوي كقليل الادب، أو لا يرى لاحد حقا على نفسه، أو كثير الأكل أو النوم، أو في ثوبه كطويل الذيل وقصيره ووسخه، أو في داره كضيقة، أو قليلة المنافع، أو دابته كجموح، أو ولده كقليل التربية، أو زوجته ككثيرة الخروج، أو عجوز، أو تحكم عليه، أو قليلة النظافة، أو في خادمه كأبق أو غير ذلك من كل ما يعلم أنه يكرهه.
واعلم: أن أصل الغيبة الحرمة، وقد تباح لغرض صحيح شرعي لا يتوصل إليه إلا بها.
وينحصر في ستة أسباب، وقد تقدم الكلام عليها، لكن يحسن ذكرها هاهنا أيضا، وهي التظلم، فلمن ظلم - بالبناء للمجهول - أن يشكو لمن يظن أن له قدرة على إزالة ظلم أو تخفيفه والاستعانة على تغيير منكر يذكره لمن يظن قدرته على إزالته بنحو فلان يعمل كذا فازجره، أو أعني علي زجره ومنعه منه، والاستفتاء بأن يقول لمفت ظلمني فلان فهل يجوز له؟ ما طريقي في الخلاص منه أو تحصيل حقي منه؟ أو نحو ذلك.
وتحذير المسلمين من الشر ونصحهم كجرح الرواة والشهود والتجاهر بالفسق، فيجوز ذكر المتجاهر بما تجاهر به دون غيره، والتعريف بنحو لقب كالاعمش والاصم.
وتنبيه: البواعث على الغيبة كثيرة، وهي عامة وخاصة، فالعامة كتشفي الغيظ بذكر مساوي من أغضبه، وكموافقة الاخوان ومجاملتهم بالاسترسال معهم بما هم فيه، أو إبداء نظير ما أبدوه خشية أنه لو سكت أو أنكر إستثقلوه ونفروا عنه،