وتسقط مروءة من يداومه فترد شهادته وهو حرام عند الائمة الثلاثة مطلقا.
ولا تقبل الشهادة من مغفل ومختل نظر ولا أصم في مسموع ولا أعمى في مبصر كما يأتي.
ومن التيقظ ضبط ألفاظ المشهود عليه بحروفها من غير زيادة فيها ولا نقص.
قال شيخنا: ومن ثم لا تجوز الشهادة بالمعنى.
نعم: لا يبعد جواز التعبير بأحد الرديفين عن الآخر حيث لا إبهام (و) شرط في الشاهد أيضا (عدم تهمة) بجر نفع إليه أو إلى من لا تقبل شهادته له أو دفع
ــ
تفويت صلاة، أو كان لعب به مع معتقد تحريمه.
(وقوله: فحرام) وجه الحرمة في الصورة الأولى أن فيها اشتراط المال من الجانبين وهو قمار، وفي الثانية أن فيها اشتراط مال من أحدهما، وهو وإن كان ليس بقمار عقد مسابقة فاسدة لانه على غير آلة قتال، وتعاطي العقود الفاسدة حرام.
وفي الثالثة تأخير الصلاة عن وقتها.
وفي الرابعة إعانة على محرم.
(قوله: ويحمل ما جاء في ذمه) أي لعب الشطرنج المقتضي للحرمة.
(وقوله: من الاحاديث والآثار) من ذلك ما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا مررتم بهؤلاء الذين يلعبون بهذه الازلام - النرد والشطرنج وما كان من اللهو - فلا تسلموا عليهم، فإنهم إذا اجتمعوا وأكبوا عليها جاءهم الشيطان بجنوده فأحدق بهم، كلما ذهب واحد منهم يصرف بصره عنها لكزه الشيطان بجنوده، فما يزالون يلعبون حتى يتفرقوا كالكلاب: اجتمعت على جيفة فأكلت منها حتى ملات بطونها ثم تفرقت.
وروي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: أشد الناس عذابا يوم القيامة صاحب الشاه - يعني صاحب الشطرنج - ألا تراه يقول: قتلته والله، مات والله، افتراء وكذبا على الله؟ قال علي كرم الله وجهه: الشطرنج ميسر الاعاجم.
ومر رضي الله عنه على قوم يلعبون الشطرنج فقال: ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون؟ لان يمس أحدكم جمرا حتى يطفأ خير له من أن يمسها، ثم قال: والله لغير هذا خلقتم.
وقال أيضا رضي الله عنه: صاحب الشطرنج أكثر الناس كذبا، يقول أحدهم قتلت وما قتل، ومات وما مات.
(قوله: على ما ذكر) أي من شرط مال من الجانبين، أو أحدهما، أو تفويت الصلاة، أو لعب مع معتقد تحريمه.
(قوله: وتسقط مروءة إلخ) مكرر مع قوله فيما تقدم وإكثار ما يضحك بينهم، أو لعب شطرنج الخ فلا حاجة إليه.
(قوله: وهو) أي لعب الشطرنج.
(وقوله: حرام) عند الأئمة الثلاثة، وهم أبو حنيفة ومالك وأحمد بن حنبل رضي الله عنهم.
وإنما قالوا بالحرمة للاحاديث الكثيرة التي جاءت في ذمه.
قال
في التحفة: لكن قال الحافظ لم يثبت منها حديث من طريق صحيح ولا حسن، وقد لعبه جماعة من أكابر الصحابة ومن لا يحصى من التابعين ومن بعدهم، وممن كان يلعبه غبا سعيد بن جبير رضي الله عنه.
اه.
(وقوله: مطلقا) أي وجد شرط مال أم لا، كأن هناك تفويت صلاة عن قوتها أم لا.
(قوله: ولا تقبل الشهادة من مغفل) محترز قوله وتيقظ.
(وقوله: ومختل نظر) أي ناقص عقل لا يضبط الامور، وعطفه على ما قبله من عطف المرادف.
(قوله: ولا أصم إلخ) أي ولا تقبل الشهادة من أصم في مشهود به يسمع، ولا من أعمى في مشهود به يبصر.
(قوله: كما يأتي) أي عند قوله وشرط لشهادة بفعل إبصار، وبقول هو وسمع، ومراده بهذا الاعتذار عن عدم اشتراط السمع والبصر هنا.
(قوله: ومن التيقظ إلخ) المناسب تقديمه وذكره بعد قوله وتيقظ.
(قوله: ومن ثم) أي ومن أجل أن من التيقظ ضبط ألفاظ إلخ.
(وقوله: لا تجوز الشهادة بالمعنى) أي فلو كانت صيغة البيع مثلا من البائع بعت ومن المشتري اشتريت، فلا يعتد بالشهادة إلا إذا قال أشهد أن البائع قال بعت والمشتري قال اشتريت، بخلاف ما لو قال: أشهد أن هذا اشترى هذا من هذا، فلا يكفي.
فتنبه له.
فإنه يغلط فيه كثيرا.
اه.
ع ش.
(قوله: نعم لا يبعد جواز التعبير بأحد الرديفين عن الآخر حيث لا إبهام) قال في التحفة: كما يشير لذلك قولهم: لو قال شاهد وكله، أو قال: قال وكلته، وقال الآخر فوض إليه، أو أنابه قبل، أو قال واحد قال: وكلت وقال الآخر قال: فوضت إليه، لم يقبلا لان كلا أسند إليه لفظا مغايرا للآخر، وكان الفرض أنهما اتفقا على اتحاد اللفظ الصادر منه، وإلا فلا مانع أن كلا سمع ما ذكره في مرة.
ويجري ذلك في قول أحدهما، قال القاضي ثبت عندي طلاق فلانة، والآخر قال: ثبت عندي طلاق هذه، وهي تلك فإنه يكفي اتفاقا.
اه.
(قوله: وشرط في الشاهد أيضا) أي كما اشترط فيه التكليف، وما بعده من الشروط المارة.
(وقوله: عدم تهمة) هي بضم ففتح، وإنما اشترط عدمها لخبر: لا تجوز شهادة ذي الظنة، ولا ذي الحنة.
والظنة - بكسر الظاء وتشديد النون المفتوحة - التهمة، والحنة