أو أسألك بالله لتفعلن كذا وأراد يمين نفسه فيمين ومتى لم يقصد يمين نفسه بل الشفاعة أو يمين المخاطب أو أطلق فلا تنعقد لانه لم يحلف هو ولا المخاطب ويكره رد السائل بالله تعالى أو بوجهه في غير المكروه وكذا السؤال بذلك ولو
ــ
المتعلق.
اه.
(قوله: وأراد يمين نفسه) أي فقط بأن أراد تحقيق هذا الامر المحتمل، فإذا حلف شخص على آخر أنه يأكل فالاكل أمر محتمل، فإذا أراد تحقيقه وأنه لا بد من الاكل كان يمينا، وإن أراد أتشفع عندك بالله أنك تأكل، أو أراد يمين المخاطب كأن قصد جعله حالفا بالله، فلا يكون يمينا لأنه لم يحلف هو ولا المخاطب.
اه.
بجيرمي.
(قوله: ومتى لم يقصد يمين نفسه) إظهار في مقام الإضمار، فلو قال ومتى لم يردها لكان أولى.
(قوله: بل الشفاعة) أي بل قصد الشفاعة بالله أن يفعل المخاطب كذا.
(وقوله: أو يمين المخاطب) أي جعل المخاطب حالفا بالله تعالى.
(وقوله: أو أطلق) أي لم يقصد يمين نفسه ولا يمين المخاطب، ويحمل في هذه الحالة على الشفاعة: أي جعلت الله شفيعا عندك في فعل كذا.
(قوله: فلا تنعقد) أي اليمين.
(قوله: لأنه لم يحلف هو) أي القائل ذلك ولا المخاطب.
واعلم أن اللفظ الذي ينعقد به اليمين إما أن يكون صريحا - والمراد به هنا ما يحصل الانعقاد عند الاطلاق - وذلك كما في القسمين الاولين المارين: أعني ما كان بمختص بالله من اسم، أو صفة له، وما كان إطلاقه عليه غالبا، وإما أن يكون كناية وهي ما ليس كذلك، فلا ينعقد بها اليمين إلا بالنية، وذلك كأن يأتي بالجلالة مع حذف حرف القسم نحو: الله
- بتثليب الهاء أو تسكينها - لافعلن كذا.
ونحو لعمر الله، أو على عهد الله، أو ميثاقه، أو ذمته، أو أمانته، أو كفالته لافعلن كذا.
ونحو أشهد، أو شهدت بالله لقد كان الامر كذا.
ونحو عزمت، أو أعزم بالله لافعلن كذا.
أو عليك لتفعلن كذا، ونحو ذلك كالالفاظ التي تطلق على المولى وعلى غيره على حد سواء كالموجود والعالم والحكيم.
واختلف في بله - بتشديد اللام وحذف الالف - فقال في التحفة هي لغو وإن نوى بها اليمين، لان هذه كلمة غير الجلالة إذ هي الرطوبة.
وقال في النهاية هي يمين إن نواها - خلافا لجمع ذهبوا إلى أنها لغو -.
وفي البجيرمي: وبقي ما لو قال: والله بحذف الالف بعد اللام هل يتوقف الانعقاد على نيتها أو لا؟ ويظهر الآن الثاني لعدم الاشتراك في اللفظ بين الاسم الكريم وغيره، بخلاف البله فإنها مشتركة بين الحلف بالله وبلة الرطوبة، وبقي أيضا ما لو حذف الهاء من لفظ الجلالة وقال باللا، أو واللا هل هي يمين أو لا؟ فيه نظر.
والأقرب الثاني لانها بدون الهاء ليست من أسمائه ولا صفاته، ويحتمل الانعقاد عند نية اليمين، ويحتمل على أنه حذف الهاء ترخيما والترخيم جائز في غير المنادى على قلة.
اه.
(قوله: ويكره رد السائل بالله تعالى) لخبر من سأل بالله تعالى فأعطوه.
وفي الزواجر: أخرج الطبراني وغيره: ألا أحدثكم عن الخضر؟ قالوا: بلى يا رسول الله.
قال: بينما هو يمشي ذات يوم في سوق بني إسرائيل أبصره رجل مكاتب فقال: تصدق علي بارك الله فيك.
فقال الخضر: آمنت بالله ما شاء الله من أمر يكون ما عندي شئ أعطيكه.
فقال المسكين: أسألك بوجه الله لما تصدقت علي فإني نظرت السماحة في وجهك ورجوت البركة عندك.
فقال الخضر: آمنت بالله ما عندي شئ أعطيكه إلا أن تأخذني فتبيعني.
فقال المسكين: وهل يستقيم هذا؟ قال: نعم.
أقول: لقد سألتني بأمر عظيم.
إما أني لا أخيبك بوجه ربي، بعني.
قال: فقدمه إلى السوق فباعة بأربعمائة درهم، فمكث عند المشتري زمانا لا يستعمله في شئ.
فقال: إنما اشتريتني التماس خير عندي فأوصني بعمل.
قال: أكره أن أشق عليك، إنك شيخ كبير ضعيف.
قال: ليس يشق علي.
قال: قم فانقل هذه الحجارة، وكان لا ينقلها دون ستة نفر في يوم - فخرج الرجل لبعض حاجته ثم انصرف وقد نقل الحجارة في ساعة.
قال: أحسنت وأجملت وأطقت ما لم أرك تطيقه.
ثم عرض للرجل سفر، فقال: إني أحسبك أمينا فاخلفني في أهلي خلافة حسنة.
قال: أوصني بعمل.
قال: إني أكره أن أشق عليك.
قال: ليس يشق علي.
قال: فاضرب من اللبن لبيتي حق أقدم عليك.
قال: فمر الرجل لسفره.
قال: فرجع وقد شيد بناءه.
قال: أسألك بوجه الله ما سببك وما أمرك؟ قال: سألتني بوجه الله، ووجه الله أوقعني في هذه العبودية.
فقال الخضر: سأحدثك من أنا: أنا الخضر الذي سمعت به، سألني مسكين صدقة، فلم يكن عندي شئ أعطيه، فسألني بوجه الله فأمكنته من رقبتي
فباعني، وأخبرك أنه من سئل بوجه الله فرد سائله وهو يقدر وقف يوم القيامة جلده ولا لحم له يتقعقع.
فقال الرجل: آمنت