ويؤديه (منجم بنجمين فأكثر) كما جرى عليه أكثر الصحابة رضوان الله عليهم ولو في مبعض (مع بيان قدره) أي العوض (وصفته) وعدد النجوم وقسط كل نجم (ولزم سيدا) في كتابة صحيحة قبل عتق (حط متمول منه) أي العوض لقوله تعالى: * (وآتوهم من مال الله الذي آتاكم) * فسر الايتاء بما ذكر لان القصد منه الاعانة على
ــ
(قوله: ليحصله) أي ذلك العوض وهو علة لاشتراط التأجيل.
(وقوله: ويؤديه) أي بعد تحصيله لسيده.
(قوله: منجم بنجمين فأكثر) صفة ثانية لعوض: أي عوض مؤقت بوقتين فأكثر، فالمراد بالنجم هنا الوقت، وسمي بذلك لأن العرب كانت لا تعرف الحساب، وكانوا يبنون أمورهم على طلوع النجم، فيقول أحدهم: إذا طلع النجم أديت حقك ونحو ذلك، فسميت الاوقات نجوما لذلك.
ويطلق النجم أيضا على المؤدي في الوقت كما مر.
قال في المغني: تنبيه: قضية إطلاقه أنها تصح بنجمين قصيرين ولو في مال كثير، وهو كذلك لامكان القدرة عليه، كالسلم إلى معسر في مال كثير إلى أجل قصير.
اه.
(قوله: كما جرى عليه أكثر الصحابة) الكاف للتعليل: أي وإنما اشترط أن يكون منجما بنجمين فأكثر، لأنه هو الذي جرى عليه أكثر الصحابة، أي ومن بعدهم، فلو كفى نجم لفعلوه، لانهم كانوا يبادرون إلى القربات والطاعات ما أمكن، ولان الكتابة عقد إرفاق، ومن تتمة الارفاق التنجيم بنجمين فأكثر.
(قوله: ولو في مبعض) غاية في اشتراط التأجيل، والتنجيم بنجمين يعني أنه يشترط ما ذكر في صحة الكتابة ولو بالنسبة لمبعض كوتب كتابة صحيحة فيما رق منه وهو قادر على أداء العوض في الحال، أو دون نجمين، لما علمت من أن الكتابة عقد خالف القياس الخ.
(قوله:
مع بيان قدره) صفة ثالثة لعوض، أي عوض مصحوب ببيان قدره: أي ويشترط لصحة الكتابة أن يبين قدر العوض.
(وقوله: وصفته) أي ومع بيان صفة العوض: أي وجنسه ونوعه، وذلك لانه عوض في الذمة، فاشترط فيه بيان ذلك كدين السلم.
قال في التحفة: نعم، الاوجه أنه يكفي نادر الوجود.
اه.
وفي الروض: هل يشترط بيان موضع التسليم للنجوم أو لا؟ فيه الخلاف المذكور في السلم.
قال في شرحه: قضيته ترجيح الاول إن وقع العقد بموضع لا يصلح لتسليمها، أو يصلح له، ولحملها مؤنة.
وبه جزم القاضي وغيره.
اه.
(قوله: وعدد النجوم) أي وبيان عدد النجوم كشهرين أو ثلاثة.
(قوله: وقسط كل نجم) أي وبيان ما يؤديه في كل نجم من العوض لسيده كخمسة، أو عشرة.
(قوله: ولزم سيدا) مثله وارثه ولو تعدد السيد واتحد المكاتب وجب الحط.
(قوله: في كتابة صحيحة) خرج بها الكتابة الفاسدة فلا حط فيها لان المغلب فيها التعليق بالصفة، وهي لا توجد إلا إن أدى ما كاتبه عليه، فلو حط عنه منه شيئا لم توجد الصفة فلا يعتق.
(قوله: قبل عتق) فإن أخر الحط عنه أثم وكان قضاء.
وعبارة التحفة مع الأصل: والأصح أن وقت وجوبه قبل العتق، أي يدخل وقت أدائه بالعقد ويتضيق إذا بقي من النجم الاخير قدر ما يفي به من مال الكتابة لما مر أنه ليس القصد به إلا الاعانة على العتق، فإن لم يؤد قبله، أدى بعده وكان قضاء.
اه.
(قوله: حط متمول) فاعل لزم، أي لزمه حط متمول وإن قل كشئ من جنس النجوم قيمته درهم نحاس، ولو كان المالك متعددا.
ويقوم مقام الحط أن يدفع السيد جزءا معلوما من جنس مال الكتابة، أو من غيره برضاه، ولكن الحط أولى من الدفع، لان الاعانة على العتق بالحط محققة وبالدفع موهومة، لانه قد يصرف المدفوع من جهة أخرى.
وإذا مات السيد وقام مقامه وارثه في الحط قدمه على مؤن التجهيز.
(قوله: لقوله تعالى) دليل للزوم الحط، ووجه الدلالة أن آتوهم أمر، والأمر للوجوب.
ولم يقم دليل على حمل الايتاء على الاستحباب، فيعمل بما اقتضاه الظاهر.
واستثنى من وجوب الايتاء ما لو كاتبه في مرض موته، والثلث لا يحتمل أكثر من قيمته، وما لو كاتبه على منفعته، وما لو أبرأه من النجوم، أو باعه من نفسه، أو أعتقه ولو بعوض، فلا يجب شئ في ذلك.
(قوله: فسر الايتاء بما ذكر لأن الخ) أي فسسر المفسرون الايتاء في الآية بالحط، مع أن المتبادر منه الدفع، لأن القصد الخ.
وفيه أن المفسرين لم يقتصروا في تفسير الايتاء على الحط، بل فسروه به وبالدفع، فكان على المؤلف أن يزيد لفظ: أو دفعه بعد قوله حط متمول، ويكون المراد بقوله بما ذكر: أي بالحط والدفع.
ثم رأيت في المنهج ذكر
(١) سورة النور، الاية: ٣٣.