العلي العظيم.
يقول المؤلف عفا الله عنه وعن آبائه ومشايخه: فرغت من تبييض هذا الشرح ضحوة يوم
ــ
(قوله: وأزواجه) معطوف أيضا على أشرف، والضمير يعود على سيدنا محمد، أي وصلى الله على أزواجه، وهو جمع زوج يقال للرجل والمرأة، ويقال للمرأة أيضا زوجة.
والمراد هنا نساؤه - صلى الله عليه وسلم - الطاهرات المطهرات اللاتي اختارهن الله تعالى لنبيه وخيرة خلقه ورضيهن أزواجا له في الدنيا والآخرة حتى استحققن أن يصلي عليهن مع - صلى الله عليه وسلم -، وأنزل الله في شأنهن ما أنزل من إيتائهن أجورهن مرتين، وكونهن لسن كأحد من النساء: اه.
شرح الدلائل للفاسي.
(قوله: عدد الخ) منصوب على النيابة عن المصدر لصلى وسلم: أي صلى وسلم صلاة وسلاما عددهما مساو لعدد ما ذكر.
(وقوله: معلوماته) أي الله سبحانه وتعالى: أي ما تعلق به علم الله تعالى من الواجبات والجائزات والمستحيلات.
(قوله: ومداد كلماته) أي الله، قال في شرح الدلائل.
مداد - بكسر الميم - وهو ما يكثر به ويزاد، قال في المشارق: أي قدرها.
وقال السيوطي في الدر النثير في تلخيص نهاية ابن الاثير: أي مثل عددها.
وقيل: قدر ما يوازنها في الكثرة بمعيار كيل، أو وزن، أو عدد، أو ما أشبهه من وجوه الحصر والتقدير، وهذا تمثيل يراد به التقريب لان الكلام لا يدخل في الكيل، والوزن بل في العدد.
اه.
(قوله: وحسبنا الله) أي كافينا الله، فحسب بمعنى كافي، فهو بمعنى اسم الفاعل، وهو خبر مقدم، والله مبتدأ مؤخر.
وقيل إن حسب اسم فعل بمعنى يكفي والله فاعله، والمعنى على الأول الله كافينا، وعلى الثاني يكفينا الله.
قال الله تعالى: * (ومن يتوكل على الله فهو حسبه) *.
فمنى اكتفى بالله كفاه، وأعطاه سؤاله ومناه، وكشف همه، وأزال غمه، كيف لا ومن التجأ إلى ملك من الملوك حفظه وسلك به أحسن السلوك؟ فالاولى بذلك من يحتسب رب العالمين ويكتفي به عن الخلق أجمعين.
(قوله: ونعم الوكيل) أي الله، فالمخصوص بالمدح محذوف، والجملة معطوفة على جملة حسبنا الله، من عطف الانشاء على الانشاء، إن جعلنا جملة حسبنا الله لانشاء الاحتساب، فإن جعلناها للاخبار كان من عطف الانشاء على الخبر، وفي جوازه خلاف، والاكثرون على منعه.
ولذلك قال بعضهم: وعطفك الانشا على الاخبار وعكسه فيه خلاف جاري فابن الصلاح وابن مالك أبواجوازه فيه وبالجل اقتدوا
وجوزته فرقة قليلة وسيبويه وارتضى دليله ثم إن وكيل فعيل بمعنى مفعول، وقيل إنه بمعى فاعل.
والمعنى على الأول: ونعم الموكول إليه الامر، لان عباده وكلوا أمورهم إليه، واعتمدوا في حوائجهم عليه.
والمعنى على الثاني: ونعم القائم على خلقه بما يصلحهم، فوكل أمور عباده إلى نفسه وقام بها فرزقهم وقضى حوائجهم ومنحهم كل خير ودفع عنهم كل ضير.
للهم اجعلنا من المعتمدين عليك، المفوضين جميع أمورنا إليك.
(قوله: ولا حول ولا قوة إلا بالله) أي لا تحول عن معصية الله إلا بطاعة الله، ولا قوة على طاعة الله إلا بمعونة الله.
(وقوله: العلي) أي الرفيع فوق خلقه وليس فوقه شئ، فالمراد به علو قدر ومنزلة، وقيل العلي بالملك والسلطنة والقهر، فلا أعلى منه أحد.
(وقوله: العظيم) أي شأنه وقدره.
واعلم أنه جاء في فضائل لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم شئ كثير، فمن ذلك ما أخرجه الطبراني وابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أكثروا من قول لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم فإنها كنز من كنوز الجنة، وفيها شفاء من تسعة وتسعين داء، أيسرها الهم.
وفي رواية: أكثروا من ذكر لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها تدفع عن قائلها تسعة وتسعين بابا من الضرر أدناها الهم.
ومن ذلك ما أخرجه الطبراني وابن عساكر عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من أبطأ عليه رزقه فليكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وفي رواية البخاري ومسلم: أنها كنز من كنوز الجنة.
ومن ذلك ما رواه ابن أبي الدنيا بسنده إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: من قال في كل يوم لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم مائة مرة لم يصبه الفقر أبدا.
ومن ذلك
(١) سورة الطلاق، الاية: ٣.