. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عليه - صلى الله عليه وسلم -.
ثم أنه يحتمل أن يكون المراد من الذكر القلبي وهو الاستحضار، ويحتمل أن يكون المراد منه اللساني، والمراد بالغفلة على الاول النسيان، وعلى الثاني السكوت كما يؤخذ من شرح الدلائل.
واعلم: أن أول من صلى بهذه الصيغة الإمام الشافعي رضي الله عنه.
قال محمد بن عبد الحكم: رأيت الشافعي رضي الله عنه في المنام فقلت له: ما فعل الله بك يا إمام؟ قال رحمني وغفر لي وزفت إلي الجنة كما تزف العروس.
فقلت: بماذا بلغت هذا الحال؟ قال: بما في كتاب الرسالة من الصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال، وقلت: كيف تلك الصلاة؟ قال: اللهم صل على سيدنا محمد عدد ما ذكرك الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون.
قال: فلما أصبحت أخذت الرسالة ونظرت فوجدت الأمر كما رأيت.
وقال بعض الصالحين: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت: يا رسول الله ما جزاء الشافعي
عندك حيث قال في كتاب الرسالة وصلى الله على سيدنا محمد عدد ما ذكرك الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -، جزاؤه عندي أنه لا يوقف للحساب.
واختلف هل يحصل للمصلي بنحو هذه الصيغة ثواب صلوات بقدر هذا العدد، أو يحصل له ثواب صلاة واحدة لكنه أعظم من ثواب الصلاة المجردة عن ذلك؟ قولان.
والمحققون على الثاني.
(قوله: وعلينا) معطوف على سيدنا محمد: أي وصل وسلم علينا، والضمير للمتكلم وحده، أو هو مع غيره من جميع المسلمين.
ففيه إحتمالان، والثاني أولى كما تقدم.
(وقوله: معهم) ظرف متعلق بكل من الفعلين المقدرين، والإضافة لأدنى ملابسة، أي صل وسلم علينا مع صلاتك وسلامك عليهم: أي النبي - صلى الله عليه وسلم - وآله وأصحابه فتحصل لنا الصلاة تبعا لهم.
واعلم: أن هذه الصلاة المفروغ منها قد احتوت على الصلاة على غير النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد اختلف في ذلك.
والمعتمد أنها إن كانت على سبيل التبعية كما هنا فهي جائزة، وإلا فممنوعة.
واختلف في المنع هل هو من باب التحريم، أو كراهة التنزيه، أو خلاف الاولى؟ والصحيح الذي عليه الأكثرون الثاني لانه شعار أهل البدع، وقد نهينا عن شعارهم، ويستحب الترضي والترحم على الصحابة والتابعين فمن بعدهم من العلماء والعباد وسائر الاخيار.
وأما قول بعض العلماء أن الترضي خاص بالصحابة ويقال في غيرهم رحمه الله تعالى، فليس كما قال، بل الصحيح الذي عليه الجمهور إستحبابه.
اه.
ملخصا من شرح الدلائل.
(قوله: برحمتك إلخ) الجار والمجرور يحتمل أن يكون متعلقا بمحذوف تقديره، وارحمنا برحمتك، ويحتمل أن يكون متعلقا بكل من صل وسلم: أي صل وسلم على من ذكر برحمتك: أي بفضلك الواسع لا بالوجوب عليك، فيكون فيه إشارة إلى ما في الصحيح: سددوا وقاربوا واعلموا أنه لن يدخل الجنة أحد بعمله قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته.
ويحتمل أن تكون الباء للقسم: أي وأقسم عليك في تنجيز ما سألته بحق رحمتك التي وسعت كل شئ ولذا طمع فيها إبليس حيث لا يفيده الطمع.
وقد ورد في الحديث عن سلمان رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن الله تبارك وتعالى خلق يوم خلق السموات والأرض مائة رحمة، كل رحمة طباق ما بين السماء والأرض، فأنزل منها إلى الارض رحمة واحدة، فبها تعطف الوالدة على ولدها، والوحش والطير بعضها على بعض، حتى أن الفرس لترفع حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه، فإذا كان يوم القيامة رد الله تعالى هذه الرحمة إلى التسعة والتسعين، فأكملها مائة رحمة فيرحم بها عباده.
(وقوله: يا أرحم الراحمين) أي بعباده، فإنه تعالى
أرحم بالعبد من نفسه، وأشفق عليه من والديه، ولذا أحب توبته ورجوعه إليه، قال - صلى الله عليه وسلم -: لله أشد فرحا بتوبة عبده من أحدكم إذا سقط عليه بعيره قد أضله بأرض فلاة.
رواه الشيخان.
وفي الحديث: إن لله ملكا موكلا بمن يقول يا أرحم الراحمين، فمن قالها ثلاثا، قال له الملك: إن أرحم الراحمين قد أقبل عليك فسل.
رواه الحاكم عن أبي أمامة.
ويا أرحم الراحمين كنز من كنوز الجنة.
ومن دعا به ألف مرة في جوف الليل لاي حاجة كانت من الحاجات الدنيوية