وأنك ربما تجلى عليه بالقهر لعدم القيام بحق ربوبيته فرد عليه صلاته.
وقال سيدي القطب العارف بالله محمد البكري رضي الله عنه: إن مما يورث الخشوع إطالة الركوع والسجود (وتدبر قراءة) أي تأمل معانيها.
قال تعالى: * (أفلا يتدبرون القرآن) * ولان به يكمل مقصود
ــ
البشر إلا الأقلين وإذا لم يمكن اشتراط الاستيعاب للضرورة فلا مرد له إلا أن يشترط منه ما ينطلق عليه الاسم، ولو في اللحظة الواحدة، وأولى اللحظات به لحظة التكبير، فاقتصرنا على التكليف بذلك.
اه.
(قوله: ومما يحصل الخشوع إلخ) أي ومما يقتضي الخشوع ويكون سببا فيه، استحضاره أنه بين يدي ملك الملوك.
ومما يحصله أيضا: الهمة.
قال حجة الإسلام: اعلم أن حضور القلب سببه الهمة، فإن قلبك تابع لهمتك فلا يحضر إلا فيما يهمك.
ومهما أهمك أمر حضر القلب فيه شاء أم أبى، فهو مجبول على ذلك ومسخر فيه.
والقلب إذا لم يحضر في الصلاة لم يكن متعطلا بل جائلا فيما الهمة مصروفة إليه من أمور الدنيا.
فلا حيلة ولا علاج لإحضار القلب إلا بصرف الهمة إلى الصلاة، والهمة لا تتصرف إليها ما لم يتبين أن الغرض المطلوب منوط بها.
وذلك هو الإيمان والتصديق بأن الآخرة خير وأبقى وأن الصلاة وسيلة إليها.
فإذا أضيف هذا إلى حقيقة العلم بحقارة الدنيا ومهماتها، حصل من مجموعها حضور القلب في الصلاة.
وبمثل هذه العلة يحضر قلبك إذا حضرت بين يدي بعض الأكابر ممن لا يقدر على مضرتك ومنفعتك، فإذا كان لا يحضر عند المناجاة مع ملك الملوك الذي بيده الملك والملكوت والنفع والضر فلا تظنن أن له سببا سوى ضعف الإيمان، فاجتهد الآن في تقوية الإيمان.
انتهى.
ولله در العلامة الفقيه إسماعيل المقري رحمه الله تعالى حيث قال: تصلي بلا قلب صلاة بمثلها يكون الفتى مستوجبا للعقوبة تظل وقد أتممتها غير عالم تزيد احتياطا ركعة بعد ركعة فويلك تدري من تناجيه معرضا وبين يدي من تنحني غير مخبت تخاطبه إياك نعبد مقبلا على غيره فيها لغير ضرورة ولو رد من ناجاك للغير طرفه تميزت من غلط عليه وغيرة أما تستحي من مالك الملك أن يرى صدودك عنه يا قليل المروءة إلهي اهدنا فيمن هديت وخذ بنا إلى الحق نهجا في سواء الطريقة
(وقوله: استحضاره) أي المصلي.
وقوله: أنه بين يدي الخ أي أنه قائم بين يدي ملك الملوك الذي يعلم السر، أي ما يسرونه، وأخفى منه.
وقوله: يناجيه أي يكلمه ويخاطبه.
والجملة في محل نصب حال من اسم أن أو خبر بعد خبر لها.
(قوله: وأنه ربما إلخ) أي استحضاره أن الله سبحانه وتعالى ربما تجلى عليه، أي على من ترك الخشوع بصفة القهر، فيعاقبه ويرد عليه صلاته.
(قوله: وتدبر قراءة) أي وسن تدبر القراءة.
وقوله: أي تأمل معانيها أي إجمالا لا تفصيلا كما هو ظاهر، لأنه يشغله عما هو بصدده.
ويسن ترتيلها أيضا، وهو التأني فيها.
فإفراط الإسراع مكروه، وحرف الترتيل أفضل من حرفي غيره.
(قوله: قال تعالى: * (أفلا يتدبرون القرآن) *) قال في حاشية الجمل على الجلالين: هو إنكار واستقباح لعدم تدبرهم القرآن، وإعراضهم عن التأمل فيما فيه من موجبات الإيمان.
وتدبر الشئ تأمله والنظر في أدباره وما يؤول إليه في عاقبته ومنتهاه، ثم استعمل في كل تفكر ونظر.
والفاء للعطف على مقدر، أي أيعرضون عن القرآن فلا يتأملون فيه؟.
اه.
(قوله: ولأن به إلخ) اسم أن، ضمير الشأن محذوفا، وضمير به يعود على