وإذا صلى إلى شئ منها فيسن له ولغيره دفع مار بينه وبين السترة المستوفية للشروط، وقد تعدى بمروره لكونه مكلفا.
ويحرم المرور بينه وبين السترة حين يسن له الدفع، وإن لم يجد المار سبيلا ما لم يقصر بوقوف في طريق أو في صف مع فرجة في صف آخر بين يديه فلداخل خرق الصفوف وإن كثرت حتى يسدها.
(وكره فيها) أي الصلاة، (التفات) بوجه بلا حاجة.
وقيل: يحرم.
واختير للخبر الصحيح: لا يزال الله مقبلا على العبد في مصلاه - أي برحمته ورضاه - ما لم يلتفت، فإذا التفت أعرض عنه.
فلا يكره لحاجة، كما لا يكره مجرد لمح العين (ونظر نحو سماء) مما يلهي، كثوب له أعلام، لخبر البخاري: ما بال أقوام يرفعون أبصارهم
ــ
يخصص المضاعفة بما كان في زمنه، وأما الزائد عليه فلا مضاعفة فيه.
وقوله: نحو الصف الأول هو القرب من الإمام.
(قوله: وإذا صلى إلى شئ منها) أي من الجدار فالعصا فالمصلى فالخط.
(قوله: فيسن له إلخ) وإنما لم يجب على خلاف القياس احتراما للصلاة، لأن وضعها عدم العبث ما أمكن، وتوفير الخشوع، والدفع ولو من غيره قد ينافيه.
اه تحفة.
وقوله: ولغيره أي غير المصلي المتوجه للسترة المذكورة.
وشمل الغير من هو في صلاة وخارجها، وقيده ابن حجر بمن ليس في صلاة.
وقال ع ش: ومفهومه - أي القيد المذكور - أن من في صلاة لا يسن له ذلك.
لكن قضية قول الشارح في كف الشعر وغيره، ويسن لمن رآه كذلك ولو مصليا آخر إلخ، خلافه.
اللهم إلا أن يقال إن دفع المار فيه حركات، فربما يشوش خشوعه بخلاف حل الثوب ونحوه.
اه.
وقوله: دفع مار أي للخبر الصحيح: إذا صلى أحدكم إلى شئ ستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإن أبى فليقاتله، فإنما هو شيطان.
أي معه شيطان، أو هو شيطان.
قال في النهاية: ويدفع بالتدريج كالصائل، وإن أدى دفعه إلى قتله.
ومحله إذا لم يأت بأفعال كثيرة وإلا بطلت.
وعليه يحمل قولهم: ولا يحل المشي إليه لدفعه لامره - صلى الله عليه وسلم - بذلك.
اه.
وقوله: المستوفية للشروط وهي أن يكون طول ارتفاعها ثلثي ذراع، وأن يكون ما بينه وبين السترة ثلاثة أذرع، وأن تكون على الترتيب المتقدم.
(قوله: وقد تعدى بمروره لكونه مكلفا) هكذا في التحفة، واعتمد م ر أنه لا فرق بين المكلف وغيره لأن هذا من باب دفع الصائل، وهو يدفع مطلقا.
اه.
(قوله: ويحرم المرور) أي على المكلف العالم، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه من الإثم لكان أن يقف أربعين خريفا خيرا له من أن يمر بين يديه.
(قوله: حين يسن له الدفع) وذلك بأن وجدت شروط السترة، فإن لم توجد حرم الدفع، كما صرح به في التحفة.
وقيد الحرمة سم بما إذا حصل منه أذية، وإلا بأن خف وسومح به عادة لم يحرم.
(قوله: ما لم يقصر) أي المصلي.
وهو قيد لحرمة المرور وقوله: بوقوف بيان للتقصير، فالباء للتصوير أي ويتصور التقصير بوقوفه في الطريق - أي محل مرور الناس - أو في صف مع وجود فرجة في صف آخر أمامه.
(قوله: فلداخل) أي محل الصلاة.
(قوله: خرق الصفوف) أي لتقصيرهم بعدم سدها المفوت
لفضيلة الجماعة.
وقوله: وإن كثرت أي الصفوف.
وقوله: حتى يسدها أي الفرجة.
وحتى هنا تعليلية، أي لأجل أن يسدها.
(قوله: وكره فيها الخ) شروع في بيان مكروهات الصلاة.
(قوله: التفات بوجهه) أي يمينا أو شمالا.
وخرج به ما إذا التفت بصدره وحوله عن القبلة فإنها تبطل، وتبطل أيضا إذا قصد الالتفات بوجهه اللعب، كذا في م ر وحجر.
(قوله: وقيل يحرم) أي الالتفات.
(قوله: واختير) أي هذا القيل.
وفي المغني: وقال الأذرعي: والمختار أنه إن تعمد مع علمه بالخبر حرم، بل تبطل إن فعله لعبا.
اه.
(قوله: للخبر الصحيح الخ) مرتبط بالمتن، فهو دليل الكراهة.
وصح أيضا أن عائشة رضي الله عنها سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الالتفات في الصلاة، فقال: هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد.
رواه البخاري.
وقوله اختلاس: أي سبب اختلاس، أي اختطاف يختطفه الشيطان من ثواب صلاة العبد.
(قوله: فلا يكره لحاجة) محترز قوله بلا حاجة.
وذلك لانه - صلى الله عليه وسلم - كان في سفر فأرسل فارسا في الشعب من أجل الحرس، فجعل يصلي وهو يلتفت إلى الشعب.
اه نهاية.
(قوله: كما لا يكره مجرد لمح العين) أي لأنه ليس فيه التفات.
وعبارة المغنى: وخرج بما ذكر اللمح بالعين دون الالتفات فإنه لا بأس به.
ففي صحيح ابن حبان من حديث على بن شيبان