بالعرف (بسهو)، أي مع سهوه عن كونه في الصلاة بأن نسي أنه فيها، لانه (ص) لما سلم من ركعتين تكلم بقليل معتقدا الفراغ وأجابوه به مجوزين النسخ، ثم بنى هو وهم عليها.
ولو ظن بطلانه بكلامه القليل سهوا فتكلم كثيرا لم يعذر.
وخرج بيسير تنحنح لغلبة وكلام بسهو كثيرهما فتبطل بكثرتهما، ولو مع غلبة وسهو وغيره، (أو) مع (سبق لسان) إليه، (أو)
ــ
كلمات عرفية فأقل، أخذا من حديث ذي اليدين حيث قال: أقصرت الصلاة أم نسيت؟ مع قوله: بل بعض ذلك قد كان يجعل، أم نسيت كلمة واحدة عرفا، وكذا قد كان.
ومنه أيضا ما صدر من النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإنه قال كل ذلك لم يكن، والتفت للصحابة عند قول ذي اليدين.
بل بعض ذلك قد كان، فقال: أحق ما يقول ذو اليدين.
فقالوا: نعم.
ومجموع ذلك ست كلمات عرفية.
فقول الشارح: كالكلمتين والثلاث، ليس بقيد.
ثم رأيت سم كتب على قول ابن حجر: كالكلمتين والثلاث، ما نصه: ينبغي أن مما يغتفر القدر الواقع في خبر ذي اليدين.
(قوله: قال شيخنا إلخ) عبارته.
ويظهر ضبط الكلمة هنا بالعرف بدليل تعبيرهم ثم بحرف وهنا بكلمة، ولا تضبط الكلمة عند النحاة ولا عند اللغويين.
اه.
(قوله: بسهو) متعلق بمحذوف، حال من يسير كلام.
أي حال كونه كائنا بسهو.
(قوله: أي مع سهوه) أفاد به أن الباء بمعنى مع.
(وقوله: عن كونه) أي نفس المصلي.
(قوله: بأنه نسي أنه فيها) تصوير لسهوه أنه فيها.
ولا حاجة إليه.
واحترز بذلك عما إذا نسي تحريمه فلا يعذر.
(قوله: لانه - صلى الله عليه وسلم - إلخ) دليل لعدم البطلان بيسير الكلام سهوا.
(قوله: معتقدا الفراغ) هو وما بعده بيان لوجه الدلالة.
وفي المغني ما نصه: وجه الدلالة أنه تكلم معتقدا أنه ليس في الصلاة، وهم تكلموا مجوزين النسخ.
اه.
وفي القسطلاني شرح البخاري: وإنما بنى عليه الصلاة والسلام على الركعتين بعد أن تكلم لأنه كان ساهيا لظنه عليه الصلاة والسلام أنه خارج الصلاة، والكلام سهوا لا يقطعها خلافا للحنيفة.
وأما كلام ذي اليدين والصحابة فلأنهم لم يكونوا على اليقين من البقاء في الصلاة لتجويزهم نسخ الصلاة من الأربع إلى الركعتين.
وتعقب بأنهم تكلموا بعد قوله عليه الصلاة والسلام: لم تقصر.
أو أن كلامهم كان خطابا له عليه الصلاة والسلام، وهو غير مبطل عند قوم.
أو أنهم لم يقع منهم كلام إنما أشاروا إليه أي نعم.
كما في سنن أبي داود بإسناد صحيح، بلفظ: أومؤا.
اه.
وقوله: وإن كلامهم معطوف على قوله فلأنهم لم يكونوا، وليس معطوفا على ما بعد تعقب كما هو ظاهر.
(قوله: وأجابوه) أي أجاب الصحابة النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وقوله: به أي بقليل الكلام.
وقوله: مجوزين النسخ أي نسخ الرباعية إلى الركعتين.
(قوله: ثم بنى هو) أي النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(وقوله: وهم) أي الصحابة.
وقوله: عليها أي على الصلاة.
والأولى عليهما،
بضمير التثنية العائد على الركعتين.
قوله: ولو ظن أي المصلي.
وقوله: بطلانها أي الصلاة.
وقوله: فتكلم كثيرا أي بعد الكلام اليسير الصادر منه سهوا، وخرج ما إذا تكلم بعده بكلام يسير فإنه يعذر ولا تبطل صلاته.
لكن قال ع ش: محل عدم البطلان حيث لم يحصل من مجموع الكلامين كلام كثير متوال وإلا بطلت صلاته لأنه لا يتقاعد عن الكلام الكثير سهوا.
وقوله: لم يعذر أي فتبطل صلاته، وذلك لأن الكثير يبطل مطلقا، عمدا أو سهوا.
(قوله: وكلام بسهو) أي يسير كلام مصحوب بسهو.
وقوله: كثيرهما فاعل خرج، والضمير يعود على التنحنح والكلام.
(قوله: فتبطل) أي الصلاة.
وقوله: بكثرتهما أي بكثرة التنحنح لغلبته، وكثرة الكلام سهوا.
والكثرة في الأول إنما هي باعتبار ما يظهر فيه من الحروف، لأن مجرد الصوت لا يضر مطلقا كما مر.
وفي البجيرمي ما نصه: وحاصل تقرير المسألة كما يؤخذ من شرح م وغيره أنه يعذر في التنحنح اليسير ونحوه للغلبة، وإن ظهر حرفان.
ويعذر في التنحنح فقط لتعذر ركن قولي، وإن كثر التنحنح والحروف.
ولا يعذر في تنحنح ونحوه لغلبة إن كثر التنحنح ونحوه وكثرت الحروف لأن ذلك يقطع نظم الصلاة وهيئتها.
هكذا يجب أن يفهم.
وأيد ذلك بعض مشايخنا بقوله: سمعت ذلك من ح ل.
اه بزيادة.
(قوله: ولو مع غلبة وسهو) هذه الغاية تستدعي ركاكة في الكلام، إذ ضمير بكثرتهما يعود على التنحنح المقيد بالغلبة، وعلى الكلام المقيد بالسهو، فيكون الحل هكذا: فتبطل بكثرة التنحنح لغلبة ولو مع غلبة، وبكثرة الكلام سهوا ولو سهوا.
إلا أن يدعي أن الضمير يعود عليهما بقطع النظر عن قيديهما فلا ركاكة لكنه بعيد.
وبالجملة فلو حذفها لكان أولى.
(وقوله: وغيره) أي غير المذكورين من الغلبة والسهو، وذلك كسبق اللسان والجهل بالتحريم.
(قوله: أو مع سبق لسان) معطوف