بهذا هنا، ويكون بيانا للعرف.
(وسن لمريدها) أي الجمعة، وإن لم تلزمه، (غسل) بتعميم البدن والرأس بالماء، فإن عجز، سن تيمم بنية الغسل، (بعد) طلوع (فجر).
وينبغي لصائم خشي منه مفطرا تركه، وكذا
ــ
(وقوله: بل بأقل مجزئ) إضراب انتقالي، أي بل يحصل اختلال الموالاة بركعتين بأقل مجزئ، بأن يقتصر فيهما على الأركان.
ويوجد في بعض نسخ الخط إسقاط بل، وهو الموافق لما في التحفة، فهو أولى.
(قوله: فلا يبعد الضبط بهذا) أي بما سيأتي من أن الموالاة تختل - أي تنقطع - بفعل ركعتين.
(قوله: هنا) أي في الخطبة.
(والحاصل) الذي يخل في المجوعتين يخل هنا، والذي لا يخل هناك لا يخل هنا، وذلك لأنهم صرحوا بأن الخطبة والصلاة مشبهتان بصلاتي الجمع.
(قوله: ويكون بيانا للعرف) أي ويكون الضبط بهذا بيانا للعرف في عبارة من عبر به، أي فالمراد بالطول في العرف، أن يكون بمقدار ركعتين.
(قوله: وسن الخ) لما فرغ من بيان ما لا بد منه في الجمعة شرع في بيان ما يطلب لها من الآداب.
(وقوله: لمريدها) أي لمريد حضورها، وإن لم تلزمه، بأن كان امرأة، أو رقيقا، أو مسافرا.
وقيل يسن الغسل لكل أحد، وإن لم يرد الحضور.
(قوله: غسل) أي لخبر: إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل وخبر: من أتى الجمعة - من الرجال والنساء - فليغتسل، ومن لم يأتها فليس عليه غسل.
وخبر غسل الجمعة واجب على كل محتلم، وحق على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام يوما.
زاد النسائي: هو يوم الجمعة.
وصرف هذه الأحاديث من الوجوب خبر: من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل.
رواه الترمذي وحسنه وقوله فيها: أي فبالسنة أخذ.
أي بما جوزته من الوضوء مقتصرا عليه.
ونعمت الخصلة أو الفعلة، والغسل معها أفضل.
وخبر: من توضأ فأحسن الوضوء، ثم أتى الجمعة فدنا، واستمع، وأنصت، غفر له ما بينه وبين الجمعة، وزيادة ثلاثة أيام.
وفي الصحيحين: أن عثمان دخل وعمر يخطب فقال: ما بال رجال يتأخرون عن النداء؟ فقال عثمان: يا أمير المؤمنين، ما زدت حين سمعت النداء أن توضأت ثم جئت.
فقال عمر: والوضوء أيضا؟ ألم تسمعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل.
(فائدة) عن ابن عمر وأنس بن مالك - رضي الله عنهم - قالا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن تحت العرش مدينة - وقال القرطبي في تفسيره سبعين مدينة - مثل الدنيا سبعين مرة، مملوءة من الملائكة كلهم يقولون: اللهم اغفر لمن اغتسل يوم الجمعة وأتى الجمعة.
وقال - صلى الله عليه وسلم -: إن الغسل يوم الجمعة ليسل الخطايا من أصول الشعر استلالا.
رواه الطبراني.
(قوله: بتعميم إلخ) تصوير للغسل بأقل مجزئ، وأكمله ما مر بيانه في مبحث الغسل، وينوي به غسل الجمعة،
فيضيفه إلى سببه كسائر الأغسال المسنونة، ويندب الوضوء له كسائرها، ويطلب التيمم بدلا عن هذا الوضوء، إن عجز عن مائه.
(قوله: فإن عجز) أي عن الماء، حسا أو شرعا.
(وقوله: سن تيمم) أي بدل الغسل.
ويكفي تيمم واحد عنه وعن الوضوء المطلوب قبل الغسل إن نواهما به.
وإنما قام التيمم مقام الغسل لأن المقصود منه العبادة والنظافة، فإذا فاتت هذه بقيت العبادة.
وتوقف حجر في كراهة تركه.
لكن قال ع ش: الأقرب الكراهة، إعطاء للبدل حكم المبدل منه.
(قوله: بنية الغسل) ظاهر صنيعه انه متعلق بتيمم.
أي سن تيمم بنية الغسل، أي أنه بدل عن غسل، فيقول: نويت التيمم بدلا عن غسل الجمعة، ولا يكفي نويت التيمم عن الغسل لعدم ذكر السبب - كسائر الأغسال المسنونة -.
ويكفي: نويت التيمم لطهر الجمعة، أو للجمعة، أو للصلاة، أو عن غسل الجمعة - وإن لم يلاحظ البدلية - ويحتمل تعلقه به وبقوله وسن غسل، أي وسن غسل للجمعة بنيته، وهذا هو الأقرب.
(قوله: بعد طلوع فجر) الظرف متعلق بغسل، وهو بيان لوقت الغسل.
أي وقت الغسل كائن بعد طلوع فجر، أي صادق، فلا يجزئ قبله، لأن الأخبار علقته باليوم، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: من اغتسل يوم الجمعة ثم راح في الساعة الأولى.
الحديث.
وقيل وقته من نصف الليل، كالعيد، والفرق ظاهر، لبقاء أثره إلى صلاة العيد، لقرب الزمن، ولا كذلك الجمعة.
ويخرج الوقت المذكور باليأس من فعلها، ويحصل بالفراغ من الصلاة، لا قبله، لاحتمال نسيان الإمام ركنا منها، فيتداركه، فيدرك معه الجمعة بإدراك ركعة منها.
(قوله: وينبغي الخ) الأولى تأخيره عن قوله وآكدها غسل الجمعة ويستغني عن قوله بعد وكذا إلخ.
والظاهر أن المراد بالانبغاء الوجوب.