المصلى في طريق طويل، ماشيا بسكينة، والرجوع في طريق آخر قصير، وكذا في كل عبادة.
ويكره عدو إليها، كسائر العبادات، إلا لضيق وقت، فيجب، إذا لم يدركها إلا به.
(وتزين بأحسن ثيابه) وأفضلها الابيض، ويلي
ــ
الخطبة.
(وقوله: إلى المصلى) بفتح اللام المشددة، أي موضع الصلاة، مسجدا أو غيره.
(وقوله: في طريق طويل) متعلق بالذهاب، ومحله إن أمن الفوات، وإلا فيذهب في طريق قصير.
(وقوله: ماشيا) حال من فاعل الذهاب المقدر، أي يسن ذهابه حال كونه ماشيا، ومحله إن قدر عليه وإلا ركب.
(وقوله: بسكينة) هي التأني في المشي والحركات واجتناب العبث، وحسن الهيئة، كغض البصر، وخفض الصوت، وعدم الالتفات.
ويطلب ذلك أيضا للراكب على دابته، وإنما سنت لخبر الشيخين: إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، وأتوها وعليكم السكينة فإن قيل: قال تعالى: * (إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله) * (١) فظاهره أن السعي مطلوب.
أجيب بأن معناه: امضوا.
لأن السعي يطلق على المضي وعلى العدو، فبينت السنة المراد به.
(قوله: والرجوع في طريق آخر قصير) أي ويسن الرجوع في طريق آخر قصير.
قال في التحفة: ويتخير فيه بين الركوب والمشي - كما يأتي في العيد -.
اه.
(قوله: وكذا في كل عبادة) أي وكذا يسن الذهاب في طريق طويل ماشيا بسكينة والرجوع في طريق آخر قصير، في كل عبادة، كالعيد، والجنازة، وعيادة المريض.
ويستثنى منها النسك، فإن الركوب فيه أفضل، كما يأتي في بابه.
(قوله: ويكره
عدو) بفتح فسكون، وهو المشي بسرعة، وهو محترز قوله بسكينة.
(قوله: إلا لضيق وقت) بحيث لو مشى بسكينة لم يدرك الصلاة كلها في الوقت.
(وقوله: فيجب) أي العدو.
والمناسب أن يقول فلا يكره، بل يجب.
ومحل الوجوب إذا أطاق العدو.
وقال سم: بقي ما إذا لم يدرك جماعة بقية الصلوات إلا بالسعي.
وفي شرح الروض في باب الجماعة، بعد أن قرر أنه يمشي بسكينة وإن خشي فوات تكبيرة الإحرام، ما نصه: أما لو خاف فوات الجماعة.
فقضية كلام الرافعي وغيره: أنه يسرع.
وبه صرح الفارقي بحثا، وتبعه ابن أبي عصرون.
والمنقول خلافه.
اه.
وما ذكره في شرح الروض قد مر عن شارحنا أيضا في الجماعة - في مبحث إدراك فضيلة التحرم - وعبارته: ويندب ترك الإسراع، وإن خاف فوت التحرم.
وكذا الجماعة - على الأصح - إلا في الجمعة فيجب طاقته إن رجا إدراك التحرم قبل سلام الإمام.
اه.
(وقوله: إذا لم يدركها إلا به) قيد في الوجوب، أي يجب إذا لم يدرك الجمعة، ومثلها بقية الصلوات، إلا بالعدو.
ولا حاجة إلى ذكر القيد المذكور، إذ الوجوب مفرع على ضيق الوقت فتنبه.
وفي ع ش: ولو توقف إدراك الجمعة على السعي قبل الفجر لم يجب، كما هو ظاهر وصريح كلامهم، اه.
(قوله: وتزين بأحسن ثيابه) أي وسن تزين بما ذكر، لخبر ابن حبان: من اغتسل يوم الجمعة ولبس من أحسن ثيابه، ومس من طيب كان عنده، ثم أتى الجمعة ولم يتخط أعناق الناس ثم صلى ما كتبه الله له، ثم أنصت إذا خرج إمامه حتى يفرغ من صلاته، كانت كفارة لما بينها وبين الجمعة التي قبلها.
ومما يعزى الإمام الشافعي - رضي الله عنه: حسن ثيابك ما استطعت فإنها * * زين الرجال بها تعز وتكرم ودع التخشن في الثياب تواضعا * * فالله يعلم ما تسر وتكتم فجديد ثوبك لا يضرك بعد أن * * تخشى الإله، وتتقي ما يحرم ورثيت ثوبك لا يزيدك رفعة * * عند الإله، وأنت عبد مجرم (قوله: وأفضلها الأبيض) أي أفضل الثياب الأبيض، لخبر الترمذي: البسوا من ثيابكم البياض، فإنها من خير ثيابكم، وكفنوا فيها موتاكم.
ويسن أن تكون جديدة، فإن لم تكن جديدة فقريبة منها.
ويسن أن يزيد الإمام في حسن الهيئة، للاتباع ولأنه منظور إليه.
والأكمل أن تكون ثيابه كلها - حتى العمامة - بيضاء، فإن لم تكن كلها فأعلاها.
ويطلب ذلك - حتى في غير يوم الجمعة - لإطلاق الخبر المذكور.
نعم، المعتبر في العيد الأغلى في الثمن، لأنه يوم زينة.
(١) الجمعة ٩