عقله.
(و) سن (إنصات) أي سكوت مع إصغاء (لخطبة)، ويسن ذلك، وإن لم يسمع الخطبة، نعم، الاولى - لغير السامع - أن يشتغل بالتلاوة والذكر سرا، ويكره الكلام، ولا يحرم، خلافا للائمة الثلاثة: حالة الخطبة،
ــ
الهم والغم، كما قاله الحليمي: أن الهم ينشأ عنه النوم، والغم ينشأ عنه عدمه.
اه.
بجيرمي.
(قوله: وسن إنصات) أي على الجديد، والقديم يوجبه، ويحرم الكلام.
ومحل الخلاف: في كلام لا يتعلق به غرض مهدم ناجز، فإن تعلق به ذلك - كما لو رأى أعمى يقع في بئر - لم يكن حراما قطعا، بل قد يجب عليه ذلك، لكن يستحب أن يقتصر على الإشارة إن أغنت عن الكلام.
(قوله: أي سكوت مع إصغاء) تفسير للإنصات، والإصغاء هو إلقاء السمع إلى الخطيب، فإذا انفك السكوت عن الإصغاء فلا يسمى إنصاتا.
(قوله: الخطبة) متعلق بإنصات، أي وسن إنصات لخطبة، لقوله تعالى: * (وإذا قرئ القرآن) * أي الخطبة * (فاستمعوا له وأنصتوا) *.
(قوله: ويسن ذلك) أي الإنصات.
والأولى والأخصر حذف هذا، والاقتصار على الغاية بعده.
(قوله: وإن لم يسمع الخطبة) غاية في السنية، وأفهمت أن ندب الإنصات لا يختص بالأربعين، بل سائر الحاضرين فيه سواء.
قال الكردي: قال في الإيعاب تجويز الكلام هنا لا ينافي ما مر من وجوب استماع أربعين للخطبة، وأن ذلك شرط لصحة الصلاة، وبيانه: أن الواجب إنما هو استماع الأركان فقط، فلو تكلم الكل إلا في الأركان جاز عندنا، وإن تكلم واحد من الأربعين بحيث انتفى سماعه لبعض الأركان أثم، لا من حيث الكلام، بل من حيث تفويته الشرط الذي هو سماع كل الأركان إلخ.
وسبق عن م ر إن الشرط إنما هو السماع بالقوة، لا بالفعل.
اه.
(قوله: نعم، إلخ) إلخ.
وسبق عن م ر أن الشرط إنما هو السماع بالقوة، لا بالفعل.
اه.
(قوله: نعم، الخ) إستدراك من سنية الإنصات بالنسبة لأحد شقي الغاية المفهمة أن غير الإنصات لا يسن، وأفاد به أن هذا المفهوم ليس مرادا، بل الأولى له في هذه الحالة ما ذكره.
(قوله: أن يشتغل بالتلاوة والذكر) قال ع ش: بل ينبغي أن يقال أن الأفضل له
اشتغاله بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - مقدما على التلاوة، لغير سورة الكهف، والذكر، لأنها شعار اليوم.
اه.
(قوله: سرا) أي بحيث لا يشوش على الحاضرين.
(قوله: ويكره الكلام) أي الظاهر الآية السابقة، وخبر مسلم: إذا قلت لصاحبك أنصت - يوم الجمعة - والإمام يخطب، فقد لغوت.
(قوله: ولا يحرم) أي الكلام، للأخبار الدالة على جوازه، كخبر الصحيحين.
عن أنس - رضي الله عنه -: بينما النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب يوم جمعة قام أعرابي، فقال: يا رسول الله، هلك المال، وجاع العيال، فادع الله لنا.
فرفع يديه ودعا.
وخبر البيهقي بسند صحيح، عن أنس - رضي الله عنه - أن رجلا دخل والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب يوم الجمعة، فقال: متى الساعة؟ فأومأ الناس إليه بالسكوت، فلم يقبل، وأعاد الكلام، فقاله له النبي - صلى الله عليه وسلم -: ما أعددت لها؟ قال: حب الله ورسوله.
قال: إنك مع من أحببت.
وجه الدلالة أنه عليه السلام لم ينكر عليه الكلام، ولم يبين له وجوب السكوت.
وبه يعلم أن الأمر للندب في: * (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا) * (١) بناء على أنه الخطبة، وأن المراد باللغو في خبر مسلم: إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب، فقد لغوت، مخالفة السنة.
(قوله: خلافا للأئمة الثلاثة) أي حيث قالوا بحرمته.
(فائدة) لو كلم شافعي مالكيا وقت الخطبة، فهل يحرم عليه، كما لو لعب الشافعي مع الحنفي الشطرنج لإعانته له على المعصية أو لا؟ الأقرب عدم الحرمة.
ويفرق بينهما بأن لعب الشطرنج لما لم يتأت إلا منهما كان الشافعي كالملجئ له، بخلافه في مسألتنا، فإنه حيث أجابه المالكي وتكلم معه كان باختياره لتمكنه من أنه لا يجيبه.
ويؤخذ منه أنه لو كان إذا لم يجبه لحصل له منه ضرر، لكون الشافعي المكلم أميرا أو ذا سطوة، يحرم عليه، لكن لا من جهة الكلام، بل من جهة الإكراه على المعصية.
اه.
ع ش.
(قوله: حالة الخطبة) متعلق بيكره.
والمراد حال ذكر أركانها، بدليل قوله بعد: ولا حال الدعاء للملوك.
(قوله:
(١) الاعراف: ٢٠٤