من عدم سفره ضررا، كانقطاعه عن الرفقة، فلا يحرم إن كان غير سفر معصية، ولو بعد الزوال، ويكره السفر ليلة الجمعة، لما روي بسند ضعيف: من سافر ليلتها دعا عليه ملكاه.
أما المسافر لمعصية فلا تسقط عنه الجمعة مطلقا.
قال شيخنا: وحيث حرم عليه السفر هنا لم يترخص ما لم تفت الجمعة، فيحسب ابتداء سفره من وقت فوتها.
(تتمة) يجوز لمسافر سفرا طويلا قصر رباعية، مؤداة، وفائتة سفر قصر فيه، وجمع
ــ
استثناء من حرمة السفر بعد الفجر أي وحرم بعده، إلا إذا خاف من عدم سفره حصول ضرر له، فلا يحرم حينئذ.
(وقوله: كانقطاعه إلخ) تمثيل للضرر.
(وقوله: عن الرفقة) أي الذي يخشى الضرر بمفارقتهم.
قال ع ش: وليس من التضرر ما جرت به العادة من أن الإنسان قد يقصد السفر في وقت مخصوص لأمر لا يفوت بفوات ذلك الوقت.
اه.
قال البجيرمي:
كالذين يريدون السفر لزيارة سيدي أحمد البدوي في أيام مولده في يوم الجمعة مع رفقة، وكانوا يجدون رفقة أخر مسافرين في غيره.
اه.
ويستثنى من الحرمة أيضا ما لو احتاج إلى السفر لإدراك وقوف عرفة، أو لإنقاذ نحو مال أو أسير، فيجوز له السفر ولو بعد الزوال، بل يجب لإنقاذ أسير أو نحوه، كقطع الفرض لذلك.
(قوله: إن كان غير سفر معصية) قيد في عدم الحرمة، وسيذكر قريبا محترزه.
(قوله: ويكره السفر ليلة الجمعة) في فتاوى ابن حجر ما نصه: (سئل) رضي الله عنه - هل يكره السفر ليلة الجمعة؟ (فأجاب) بقوله: مقتضى قول الغزالي في الخلاصة: من سافر ليلتها دعا عليه ملكاه.
الكراهة، وهو متجه إن قصد بذلك الفرار عن الجمعة، قياسا على بيع النصاب الزكوي قبل الحول، إلا أن يفرق بأن الحول ثم سبب للوجوب، وانعقد في حقه، بخلافه هنا.
وكأن هذا مدرك قوله بعضهم: لم أر لأحد من الأصحاب ما يقتضي الكراهة.
اه.
(قوله: دعا عليه ملكاه) أي قالا: لا نجاه الله من سفره، ولا أعانه على قضاء حاجته.
اه.
(قوله: أما المسافر لمعصية) محترز قوله إن كان غير سفر معصية.
والمناسب تقديمه على قوله ويكره ليلتها.
والتعبير بقوله: أما سفر المعصية.
(قوله: فلا تسقط عنه الجمعة) المناسب فيحرم عليه السفر، ولا تسقط عنه الجمعة.
(قوله: مطلقا) أي سواء خشي من عدم سفره ضررا أم لا، وذلك لأنه في حكم المقيم.
(قوله: وحيث حرم عليه السفر هنا) أي بأن سافر بعد فجر يوم الجمعة ولم تمكنه في طريقه ولم يتضرر بتخلفه.
(وقوله: لم يترخص) أي برخص السفر من القصر والجمع والتنقل إلى جهة مقصدة.
(وقوله: ما لم تفت الجمعة) قيد في عدم الترخص، أي لم يترخص مدة عدم فوات الجمعة بأن يبقى وقت يسعها وخطبتها.
فإن فاتت الجمعة بخروج وقتها أو باليأس منها، ترخص من حين الفوات.
(قوله: فيحسب ابتداء سفره الخ) مفرع على مفهوم القيد، أي فإن فاتت فيحسب ابتداء سفره من وقت فوتها، لانتهاء سبب المعصية.
قال سم: ينبغي إذا وصل لمحل لو رجع منه لم يدركها أن ينعقد سفره من الآن، وإن كانت إلى ذلك الوقت لم تفعل في محلها.
اه.
(تتمة) لم يتعرض المؤلف لمسألة الاستخلاف، ولا بد من التعرض لها تتميما للفائدة، فأقول: (اعلم) أن الإمام إذا خرج من الإمامة بنحو تأخر عن المقتدين، أو من الصلاة بحدث أو غيره فخلفه غيره جاز، سواء استخلف نفسه أو استخلفه الإمام، أو القوم، أو بعضهم، لأن الصلاة بإمامين بالتعاقب جائزة.
كما في قصة أبي بكر مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في مرضه، حيث كان يصلي أبو بكر إماما بالناس في مرض النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأحس النبي - صلى الله عليه وسلم - بالخفة في بدنه يوما، فدخل يصلي وأبو بكر محرم بالناس، فتأخر أبو بكر وقدمه، واقتدى به بعد خروجه من الإمامة.
وحاصل ما يتعلق بهذه المسألة أن الاستخلاف إما أن يكون في الجمعة، وإما أن يكون في غيرها.
فالأول: إما أن يكون في أثناء الخطبة، أو بينها وبين الصلاة، أو في الصلاة.
فإن كان الأول: اشترط سماع الخليفة ما مضى من أركانها، وإن كان الثاني: اشترط سماع الخليفة جميع أركانها، إذ من لم يسمع ليس من أهل الجمعة، وإنما يصير من أهلها إذا دخل في الصلاة.
وإن كان الثالث: فهو على ثلاثة أقسام: أحدها: أن يقع الإستخلاف قبل أن يقتدي الخليفة به، وهذا لا يصح مطلقا، لاحتياج المقتدين إلى تجديد نية