بعض عظمه قبل تمام الحفر وجب رد ترابه، أو بعده فلا.
ويجوز الدفن معه، ولا يكره الدفن ليلا - خلافا للحسن البصري - والنهار أفضل للدفن منه، ويرفع القبر قدر شبر ندبا، وتسطيحه أولى من تسنيمه.
ويندب لمن على شفير القبر أن يحثي ثلاث حثيات بيديه قائلا مع الاولى: * (منها خلقناكم) *.
ومع الثانية: * (وفيها نعيدكم) *.
ومع الثالثة: * (ومنها نخرجكم تارة أخرى) *.
(مهمة) يسن وضع جريدة خضراء على القبر، للاتباع، ولانه يخفف عنه ببركة تسبيحها.
وقيس بها
ــ
بعض عظمه) أي الميت الذي في القبر.
(وقوله: قبل تمام الحفر) أي قبل أن يكمل حفر القبر.
(قوله: وجب رد ترابه) أي ويحرم تكميل الحفر والدفن فيه لما يلزم عليه من الإدخال المحرم.
وهذا إذا لم يحتج إلى الدفن في ذلك القبر، بأن كثر الموتى، وإلا فلا بأس بذلك.
(قوله: أو بعده) أي أو وجد عظمه، بعد تمام الحفر، فلا يجب رد التراب.
(قوله: ويجوز الدفن معه) أي مع العظم لكن بعد تنحيته عن محله.
وعبارة التحفة: أو بعده نحاه ودفن الآخر.
فإن ضاق بأن لم يمكن دفنه إلا عليه، فظاهر قولهم نحاه حرمة الدفن هنا، حيث لا حاجة، ليس ببعيد، لأن الإيذاء هنا أشد.
اه.
(قوله: ولا يكره الدفن ليلا) أي سواء تحرى الدفن فيه أم لا، لما صح أنه - صلى الله عليه وسلم - فعله، وكذا الخلفاء الراشدون.
(قوله: خلافا للحسن البصري) أي فإن الدفن ليلا عنده مكروه تنزيها متمسكا بظاهر خبر ابن ماجه: لا تدفنوا موتاكم بالليل، إلا أن تضطروا.
وفي البجيرمي ما نصه: وفي الخصائص ودفن بالليل، وذلك - أي الدفن ليلا - في حق غيره مكروه تنزيها عند الحسن البصري، تمسكا بظاهر خبر ابن ماجه بسند فيه ضعف لا تدفنوا موتاكم بالليل، إلا أن تضطروا أي بالدفن ليلا، لخوف انفجار الميت وتغيره.
وخلاف الأولى عند سائر العلماء، وتأولوا الخبر بأن النهي كان أولا، ثم رخص.
اه.
مناوي.
(قوله: والنهار أفضل) أفعل التفضيل على غير بابه، أي فاضل، وذلك لأنه هو المندوب، بخلاف الدفن ليلا، فليس بمندوب، حتى أنه يكون فاضلا.
ومحل كون الدفن فيه فاضلا إذا لم يخش بالتأخير إليه تغير، وإلا حرم.
(قوله: ويرفع القبر قدر شبر) أي ليعرف فيزار ويحترم.
وصح أن قبر - صلى الله عليه وسلم - رفع نحو شبر.
(قوله: وتسطيحه أولى من تسنيمه) لما صح من القاسم بن محمد: أن عمته عائشة - رضي الله عنهم - كشفت له عن قبره - صلى الله عليه وسلم - وقبر صاحبيه، فإذا هي مسطحة مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء.
ورواية البخاري: أنه مسنم.
حملها البيهقي على أن تسنيمه حادث، لما سقط جداره، وأصلح زمن الوليد.
اه.
تحفة.
والتسطيح: جعل القبر مسطحا، أي مستويا له سطح.
قال في المصباح: سطحت القبر تسطيحا: جعلت أعلاه كالسطح.
وأصل السطح: البسط.
اه.
والتسنيم: جعله مسنما، أي مرتفعا على هيئة سنام البعير.
قال في المصباح: سنمت القبر تسنيما: إذا رفعته عن الأرض كالسنام.
اه.
(قوله:
ويندب لمن على شفير القبر) أي لمن هو واقف على طرف القبر.
(قوله: أن يحثي) أي بعد سد اللحد، وإن كانت المقبرة منبوشة وهناك رطوبة، لأنه مطلوب.
(قوله: ثلاث حثيات) أي من تراب، ويكون الحثي بيديه من قبل رأس الميت، لأنه - صلى الله عليه وسلم - حثى من قبل رأس الميت ثلاثا.
رواه البيهقي وغيره بإسناد جيد.
قال ع ش: وينبغي الاكتفاء بذلك مرة واحدة، وإن تعدد المدفنون.
(قوله: قائلا) حال من فاعل يحثي.
(قوله: منها خلقناكم) ويزيد على ذلك: اللهم لقنه عند المسألة حجته.
(وقوله: ومع الثانية وفيها نعيدكم) ويزيد عليه: اللهم افتح أبواب السماء لروحه.
(وقوله: ومع الثالثة ومنها نخرجكم تارة أخرى) ويزيد عليه: اللهم جاف الأرض عن جنبيه.
(فائدة) عن الإمام تقي الدين، عن والده، عن الفقيه أبي عبد الله محمد الحافظ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: من أخذ من تراب القبر حال الدفن بيده - أي حال إرادته - وقرأ عليه * (إنا أنزلناه في ليلة القدر) * سبع مرات، وجعله مع الميت في كفنه أو قبره، لم يعذب ذلك الميت في القبر.
(قوله: مهمة: يسن وضع جريدة إلخ) ويسن أيضا وضع حجر أو خشبة عند رأس الميت، لانه - صلى الله عليه وسلم - وضع عند رأس