ويسن أن يكثر من الدعاء له، ومأثوره أفضل، وأولاه ما رواه مسلم عنه (ص) وهو: اللهم اغفر له وارحمه، واعف عنه وعافه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الابيض من الدنس، وأبدله دارا خيرا من داره، وأهلا خيرا من أهله، وزوجا خيرا من زوجه، وأدخله الجنة، وأعذه من عذاب القبر وفتنته ومن عذاب النار.
ويزيد عليه، ندبا: اللهم اغفر لحينا وميتنا إلى آخره.
ويقول
ــ
به.
فلا يكفي الدعاء بدنيوي، إلا أن يؤل إلى أخروي: كاللهم اقض دينه.
(قوله: بخصوصه) أي الميت، لقوله عليه
الصلاة والسلام: إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء.
فلا يكفي الدعاء للمؤمنين والمؤمنات، وإن كان يندرج فيهم، وقيل: يكفي ويندرج فيهم.
وقيل: لا يجب الدعاء مطلقا.
(قوله: ولو طفلا) أي فإنه لا يدعى له بخصوصه.
قال في التحفة: لأنه وإن قطع له بالجنة تزيد مرتبته فيها بالدعاء له - كالأنبياء، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين -.
ثم رأيت الأذرعي قال: يستثنى غير المكلف، فالأشبه عدم الدعاء له.
وهو عجيب منه ثم رأيت الغزي نقله عنه وتعقبه بأنه باطل، وهو كما قال.
اه.
وكتب البجيرمي: قوله باطل إن حمل على إخلاء التكبيرة الثالثة من الدعاء له أو لوالديه فهو باطل، لأن الصلاة تبطل بذلك.
وإن حمل على أنه لا يتعين الدعاء للصغير، بل يجوز أن يدعى له أو لوالديه، فليس بباطل.
اه.
(قوله: بعد ثالثة) متعلق بدعاء، أي الدعاء يكون بعد التكبيرة الثالثة.
(قوله: فلا يجزئ) أي الدعاء.
(وقوله: بعد غيرها) أي الثالثة.
(وقوله: قطعا) أي بلا خلاف.
قال في المجموع: وليس لتخصيص ذلك إلا مجرد الاتباع.
اه.
(قوله: ويسن أن يكثر من الدعاء له) أي للميت.
ومحله حيث لم يخش تغير الميت، وإلا وجب الاقتصار على الواجب.
(قوله: ومأثوره) أي الدعاء، أي الوارد منه.
(وقوله: أفضل) أي من غير المأثور.
(وقوله: وأولاه) أي المأثور.
(قوله: وهو) أي ما رواه مسلم.
(قوله: اللهم اغفر له) (واعلم) أن الدعاء بالمغفرة لا يستلزم وجود ذنب، بل قد يكون بزيادة درجات القرب، كما يشير إليه استغفاره - صلى الله عليه وسلم - في اليوم والليلة مائة مرة.
اه.
ابن حجر.
(قوله: واعف عنه) أي ما صدر منه.
(فإن قلت): ما الفرق بين العفو والمغفرة؟ (فالجواب) أن بين مفهوميهما بحسب الوضع عموما وخصوصا، فإن المغفرة من الغفر، وهو الستر.
والعفو المحو، ولا يلزم من الستر المحو، وعكسه.
كأن يحاسبه بذنب على رؤس الأشهاد، ثم يعفو عنه، أو يستره، ويجازيه عليه.
أما بالنظر لكرم الله فهو إذا ستر عفا.
فبينهما عموم وخصوص مطلق.
اه.
بجيرمي.
(وقوله: عافه) أي اعطه من النعم ما يصير به كالصحيح في الدنيا.
(وقوله: وأكرم نزله) أي أعظم ما يهيأ له في الآخرة من النعيم.
وفي المختار: والنزل بوزن القفل.
ما يهيأ للنزيل.
والجمع: الأنزال.
اه.
وفي المصباح: والنزل، بضمتين: طعام النزيل الذي يهيأ له.
وفي التنزيل: هذا نزلهم يوم الدين اه ع ش.
(قوله: ووسع مدخله) مصدر ميمي بمعنى المكان، أي قبره، ويوسع له بقدر مد البصر إن لم يكن غريبا، وإلا فمن محل دفنه إلى وطنه.
والقبر إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار.
(قوله: واغسله) أي الميت.
(قوله: والثلج والبرد) ذكرهما تأكيدا ومبالغة في الطهارة لانهما ما أن مقطوران على أصل خلقتهما لم يستعملا ولم تنلهما الأيدي، ولا خاضتهما الأرجل، كسائر المياه التي خالطها التراب، وجرت في الأنهار، وجمعت في الحياض.
(قوله: ونقه) أي طهره.
وهذه الجملة
كالتفسير لما قبلها، إذ المراد من غسله بالماء تطهيره من الخطايا والذنوب.
(قوله: وأبدله دارا خيرا من داره) وهي الجنة.
قال تعالى: * (وللدار الآخرة خير للذين يتقون) * وقال تعالى: * (والآخرة خير وأبقى) *.
(وقوله: وأهلا إلخ) سيذكر المراد بإبدال من ذكر.
(قوله: وأعذه من عذاب القبر) أي احفظه وآمنه منه.
(قوله: وفتنته) أي القبر.
وهي في الأصل الامتحان والاختبار، والمراد بها هنا سؤال الملكين الفتانين.
والحفظ منها يكون بإعانته على التثبيت في الجواب.
(قوله: ويز يد عليه) أي على الدعاء المار.
ومحله حيث لم يخش تغير الميت بالإتيان به، وإلا اقتصر على الأول.
(قوله: اللهم اغفر لحينا وميتنا إلخ) أي وشاهدنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا.
اللهم من أحييته منا