. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أيها الناس لكم بالمصطفى * * أسوة، فالموت يدني للذهاب فثقوا بالله، وارضوا، وخذوا * * ما قضى الله بصبر واحتساب قال المؤلف في (إرشاد العباد): وكأن القاضي حسينا - من أكابر أئمتنا - أخذ من هذا قوله الذي أقروه عليه: يجب على كل مؤمن أن يكون حزنه على فراق النبي - صلى الله عليه وسلم - من الدنيا أكثر منه على فراق أبويه، كما يجب عليه أن يكون - صلى الله عليه وسلم - أحب إليه من نفسه، وأهله، وماله.
اه.
وفي حديث آخر: إنما الصبر عند الصدمة الأولى، أي إنما يحمد الصبر عند مفاجأة المصيبة، وأما فيما بعد فيقع السلو طبعا.
ومن ثم قال بعضهم: ينبغي للعاقل أن يفعل بنفسه أول أيام المصيبة ما يفعله الأحمق بعد خمسة أيام.
وفي حديث آخر: إن الضرب على الفخذ عند المصيبة يحبط الأجر.
وورد: من قدم ثلاثة من الولد لم يبلغوا الخنث، كانوا له حصنا من النار.
فقال أبو الدرداء - رضي الله عنه -.
قدمت اثنين.
قال: واثنين.
قال آخر: إني قدمت واحدا.
قال: وواحدا، ولكن ذلك في أول صدمة.
وفي حديث مسلم إن الأطفال دعاميص الجنة - أي حجاب أبوابها - يتلقى أحدهم أباه - أو قال أبويه - فيأخذه بثوبه - أو قال بيده - فلا ينتهي حتى يدخله الجنة.
وفي خبر مسلم: أنه مات ابن لأبي طلحة من أم سليم، فقالت: لا يحدثه إلا أنا.
فلما جاء قربت إليه عشاءه، فأكل، وشرب، ثم تصنعت له أحسن ما كان تتصنع قبل ذلك، فوقع بها، فلما رأته أنه قد شبع، وأصاب منها، قالت: يا أبا طلحة أرأيت لو أن قوما أعاروا عاريتهم أهل بيت فطلبوا عاريتهم، ألهم أن يمنعوهم؟ قال: لا.
قالت أم سليم: فاحتسب ابنك.
فغضب، ثم انطلق إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره، فقال: بارك الله لكما في ليلتكما.
وروي أن ابن عمر رضي الله عنهما، ضحك عند دفن ابنه، فقيل له: أتضحك؟ فقال: أردت أن أرغم الشيطان.
وقال أبو علي الرازي: صحبت الفضيل ثلاثين سنة، ما رأيته ضاحكا، ولا مبتسما، ولا مستبشرا، إلا يوم مات ابنه علي، فقلت له في ذلك، فقال: إن الله أحب أمرا فأحببته.
والأخبار والحكايات الدالة على تأكد الصبر كثيرة شهيرة، ويتأكد لمن ابتلي بمصيبة - بميت، أو في نفسه، أو أهله، أو ماله، وإن خفت - أن يكثر * (إنا لله وإنا إليه راجعون) * (١) اللهم أجرني في مصيبتي، واخلف علي خيرا منها.
لأن الله تعالى وعد من قال ذلك * (عليهم صلوات من ربهم ورحمة) * (٢) وأنهم * (هم المهتدون) * ولخبر مسلم أن من قال ذلك آجره الله وأخلف له خيرا.
وقال ابن جبير: لقد أعطيت هذه الأمة عند المصيبة ما لم يعطه غيرهم: * (إنا لله وإنا إليه راجعون) * ولو أوتوه لقاله يعقوب عليه السلام.
ولم يقل يا أسفى على يوسف.
جعلنا الله من الصابرين في الضراء، الشاكرين في السراء.
آمين.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
(١) البقرة: ١٥٦.
(٢) البقرة: ١٥٧.